بقلم - أمينة خيري
اعتمدت الأمم المتحدة «فورًا» اسم تركيا الجديد. أصبح اسمها «تيركيى» وليس «تيركى». وطلبت أنقرة عدم استخدام أي اسم آخر سوى الاسم الجديد، وإلا اعتبر ذلك «مؤشرًا سلبيًّا». تغيير الاسم يبدو لكثيرين أمرًا غريبًا لفرط «بساطته»، حيث الفرق في النطق أو الكتابة يكاد يكون غير ملحوظ. لكن عملية تغيير الاسم لها ألف معنى وغاية. وزير الخارجية التركى مولود تشاوش أوغلو ظهر في صور على حسابه على «تويتر» وهو يوقع الرسالة الرسمية الموجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة والمطالبة رسميًّا بتسجيل اسم البلاد بالنطق والهجاء الجديدين لدى المنظمة الأممية بكل لغاتها، وذلك في خطوة مدروسة لجذب الانتباه وتجهيز معروف أنه سيستحوذ على القيل والقال لفترة. الوزير التركى قال القليل المفيد: «الرئيس أردوغان يرغب منذ نهاية العام الماضى في تعزيز قيمة اسم بلادنا»، وهو اسم معتمد منذ فترة في العلامة التجارية «صنع في تيركيى».
اسم أردوغان مرتبط ارتباطًا وثيقًا بحملة تغيير الاسم داخليًّا وخارجيًّا. في الداخل، تكسبه الحملة شعبية باعتباره حامى حمى الحضارة والثقافة والقيم والهوية التركية. ولم لا، وهو يردد منذ ما لا يقل عن عام أن «تيركيى» هو الاسم الأفضل تعبيرًا عن الثقافة والحضارة والقيم التركية؟! وفى الخارج يعزز الرئيس التركى صورته الذهنية باعتباره «الزعيم المختلف». فهو رئيس الدولة المتأرجحة بين الشرق والغرب، والتواقة لعسل الاتحاد الأوروبى دون التصريح بذلك علانية، والساعية لجمع كل الأوراق في يد واحدة، والمستعدة لتقديم سبت التنازلات حتى تحظى بأحد المميزات ولكن بعد صبغ التنازلات بصبغة الهوية والقومية والمعتقد والثقافة.
الاتحاد الأوروبى لا يفوت فرصة إلا ويعبر فيها عن قلقه الشديد في شأن ملف حقوق الإنسان، وسيادة دولة القانون، وانسحاب أنقرة من «اتفاقية إسطنبول» لمكافحة العنف ضد المرأة. وتركيا لا تفوت فرصة إلا وتعبر عن المميزات والفوائد التي ستعود على الاتحاد الأوروبى من انضمام تركيا. وكلاهما يعود ويؤكد على أهمية الشراكة والتعاون والتفاهم مع الآخر. آخر حلقة في مسلسل الشد والجذب كانت حرب روسيا في أوكرانيا. والرئيس أردوغان لا يألو جهدًا في «تقطيم» الاتحاد الأوروبى واستحضار المقارنة بين أوكرانيا وتركيا في كل مناسبة. فهو دعا الاتحاد الأوروبى إلى إبداء الحساسية نفسها واللهفة ذاتها اللتين يبديهما تجاه أوكرانيا. ويؤنب الاتحاد بالتساؤل إن كان سيضع تركيا على جدول أعماله إن تعرضت لهجوم مماثل.
تغيير اسم تركيا وضعها مجددًا على خارطة الاهتمام الدولى. وأغلب الظن أن تغيير الاسم لا يتعلق كثيرًا بالنأى عن معانٍ مثل «الديك الرومى» وهو أحد معانيها بالإنجليزية، أو حتى بـ«الفشل الذريع» أو «الشخص الغبى» حسبما يرد في بعض القواميس. الأمر يتعلق أكثر بتحسين صورة، وجذب انتباه، واستعادة شعبية في ظل أوضاع اقتصادية بالغة الصعوبة، والاستعداد لانتخابات رئاسية في يونيو 2023 بعد 20 عامًا من حكم أردوغان.