بقلم - أمينة خيري
الفعاليات الثقافية والفنية فى أى بلد تقول الكثير عن حال هذا البلد وأهله وقدراته وإمكاناته. ومصر يشهد بقوتها السياسية والتاريخية والثقافية والبشرية العديد من الفعاليات، ولا يكاد يمر يوم من أيام العام إلا ومئات الفعاليات تحدث فى كل مكان.. ندوة، مهرجان سينمائى، حفل موسيقى، حلقة نقاش، حفل توقيع كتاب، افتتاح متحف أو معرض، والقائمة لا تنتهى. هذه الفعاليات لها آثار لا أول لها أو آخر، فهى تثقف وترفه وتؤكد مكانة المصريين على صعيد القوة الناعمة.
وقد شهد هذا الأسبوع فعالية عزيزة على قلبى، ألا وهى «منتدى مصر للإعلام».. هذا المنتدى الذى جمع «عتاولة» الإعلام والذكاء الاصطناعى والمهتمين بالمهنة وأثر المهنة من شتى أرجاء العالم العربى، بالإضافة إلى عدد كبير من الدول الأجنبية، أعتبره إحدى العلامات الفارقة فى مصر. لماذا؟ لأنه منتدى شاب القلب والقالب. صحيح أنه يحتوى على فئات عمرية تتراوح بين أوائل العشرينيات وربما أصغر وحتى شباب المهنة ممن هم فى سبعينياتهم وثمانينياتهم- أعطاهم الله الصحة والعافية.
هذا المنتدى فى نسخته الثانية يناقش أساسيات المهنة، مرورًا بما تشهده من تطورات وتحديات ومستجدات، لا من وجهة نظر أبناء المهنة فقط ولكن من رؤى عديدة باتت تشمل المتلقى والضالعين فى الذكاء الاصطناعى وتقنياته التى باتت لا تتوقف عن فرض أدواتها ومنصاتها على المهنة على مدار الساعة.
هذا العام، لم أتمكن من حضور المنتدى لأسباب طارئة، ولكن المنتدى وصل إلىَّ. ووصول فعاليةٍ ما إلى أبناء المهنة والمتلقين والمهتمين يعنى نجاحها. وصلنى المنتدى، لا عبر التغطيات الإعلامية حول من قال ماذا، بل عبر نقاشات الأصدقاء والصديقات عما حمله المنتدى من زوايا وأفكار وقضايا لا تفرض نفسها على الإعلام المصرى والعربى فقط، بل تُلقى بظلالها على حياة كل مواطن عربى، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
عنوان المنتدى هذا العام جاء صادمًا: «عالم بلا إعلام!».. صادم لأنه يثير الخوف والقلق فى نفس كل من يعتبر الإعلام (التقليدى) شريان حياة لأى مجتمع.. لكنه فى الوقت نفسه متوقع بشكل أو بآخر. عمليات الإحلال والتبديل تارة الدائرة رحاها بين الإعلام التقليدى والجديد (سواء المؤسسى أو غير المؤسسي) تشير إلى أننا مقبلون على عالم بلا إعلام، على الأقل بمعناه ومكانته وأساليبه التى اعتدناها.
كما أن أساليب حصول قطاع عريض من المتلقين على جرعاتهم الإخبارية والتثقيفية (إن صح التعبير) تتحدث عن نفسها عبر تلك الشاشات الصغيرة الملتصقة بأياديهم لتبث مقاطع «تيك توك» و«إنستجرام».. ناهيك عن الحراك المشتعل على «تويتر» و«فيسبوك» وغيرهما.. كل ما يمكن قوله هو أن المنتدى الشاب تطرق إلى تفاصيل عالم بلا إعلام، ووجد أن العالم سيظل بإعلام ولكن بتفاصيل وأدوات وإمكانات مختلفة.