توقيت القاهرة المحلي 22:22:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

على وتر التناسي

  مصر اليوم -

على وتر التناسي

بقلم - أمينة خيري

القول بأن الحرب الحقيقية، لا تلك التى يتم الدعوة لها والتخطيط لخطواتها وتقرير نتائجها من خلف الشاشات وعلى «الكيبورد»، قرار بالغ الكلفة اقتصادياً واجتماعياً ونفسياً، لا يعنى عدم خوض الحرب إن كانت الخيار الأخير والوحيد. العقلاء لا ينجرون إلى الحرب فقط لاستعراض العضلات، فقط السفهاء من يفعلون ذلك.

والقول بأن القيام بـ«عملية» تثلج القلوب وتبرد نار الظلم وتهدئ روع الوقوع فى براثن الاحتلال لمدة ساعة أو بعض ساعة يعطيها، دون نظر لما سيحدث فى «اليوم التالى»، أو لكلفة ضخ السيروتونين (هرمون السعادة) بمعدلات مرتفعة لدقائق، أو لما ستسفر عنه هذه «العملية» من ترحيل لمسئوليات الرد والردع والإنقاذ وتحميلها لآخرين يدفعون ثمن «العملية» من حياتهم وحياة أبنائهم أو يضطرون للفرار من بيوتهم وبلادهم، أو يهبون للضلوع فى مواجهات وصراعات وحروب لأن الشهامة والشجاعة ونجدة المستغيث سمتهم، هو شكل من أشكال التهور أو التسرع مع عدم تحمل تبعاته، لا يعنى التخلى عن القيام بمهام تاريخية ريادية لم نتوقف عنها يوماً.

ما سبق مقدمة لا بد منها قبل الإشارة إلى ما يجرى على حدودنا الشرقية، وتحديداً رفح المحورية. لو كانت المقاومة بالكلام، والتصدى بـ«اللايكات»، ونجدة المظلوم بـ«الشير» وإعادة النشر والإرسال، واستعادة الحقوق بالمناطحات الإعلامية، وإثبات حسن النوايا بعدد المتابعين لكانت الأمور سهلة وبسيطة.

ولو كانت حماية الأرض، وردع المعتدى تتم عبر قياس عدد المتابعين لكانت الدنيا سهلة وبسيطة. ولو كان الحديث عن جيوش جرارة موحدة، وتحالفات قوية عابرة للحدود، ومسئوليات قومية جاهزة للتفعيل مفعلاً على أرض الواقع وقت الحاجة لكانت الأمور مختلفة من ألفها إلى يائها.

ألف باء الحنجورية تقوم على التهييج حين يكون الأمر مقتصراً على الخطابة والبلاغة ثم التظاهر بعدم الوجود حين ينتقل الحال من الكلام إلى الفعل.

مصر فى خانة الفاعل. عقب قيام «حماس» بعملية السابع من أكتوبر، وما تلاها كما هو متوقع تماماً، من رد فعل إسرائيلى عارم متعجرف متغطرس، هب كثيرون عبر وسائل الإعلام الغربية وبعض من الإقليمية يتساءلون باستنكار: لماذا لا تفتح مصر حدودها لاستقبال سكان غزة هرباً من آلة القتل الإسرائيلية؟ وحين بذلت مصر الجهد الجهيد لاستقبال المصابين والمرضى، هب أولئك لطرح سؤال استنكارى آخر: هل تخطط مصر لتفريغ القضية وتهجير الفلسطينيين؟ وحين تصدرت مصر مفاوضات محاولات التهدئة، سارعوا إلى التشكيك فى النوايا والأهداف، ولا يهدئ من تشكيكاتهم سوى ضلوع آخرين فى المفاوضات. وحين تريثت وعمدت إلى التعقل والحكمة أمام الأفعال الهوجاء من قبل إسرائيل، حملوا السكاكين وبدأوا فى توجيه الطعنات: لماذا لا ترد مصر بشن حرب شعواء؟ وحين تمادت إسرائيل، وجاء الرد المصرى حاسماً نافذاً مؤكداً على إمكانية إلغاء أو تعطيل معاهدات وقلب الموازين، تركوا السكاكين وحملوا أغصان الزيتون ونددوا بالتصعيد.

وعلى سبيل التذكرة، فإن مصر لم تقصر يوماً فى حق فلسطين وقضيتها. المصرى يولد وهو يعتبر فلسطين قضيته. المسألة لا علاقة لها بنظام سياسى، أو توجه أيديولوجى، أو حتى معتقد دينى. دعك من أن البعض نجح فى تحويل الاحتلال الإسرائيلى والمقاومة الفلسطينية (بمعناها اليومى وليس الحركات والجماعات) إلى قضية دينية، حيث المسلمون يواجهون اليهود، وحتى فى ظل قيام إسرائيل على فكرة الدولة الدينية اليهودية، تظل القضية قضية احتلال واغتصاب، وليست ديناً يصارع ديناً. المسألة مبدأ وقناعة وجزء لا يتجزأ من التكوين الاجتماعى المصرى.

هذا التكوين المصرى ينساه أو يتناساه البعض. ويدق على وتر التناسى تيارات بعينها لا يهمها فلسطين أو الاحتلال أو الاغتصاب، بقدر ما يهمها أولويات ومصالح جماعتها، أو تحركها ميول انتقام لا تمنعها من حرق البلاد والعباد لتشفى غليلها. وللأسف أن جانباً من الأجيال الأصغر سناً تنجرف وراء هؤلاء أو تصدق أولئك. كل ما عليهم قراءة بعض من التاريخ والاطلاع على قدر من الجغرافيا والإلمام بأبجديات التركيبة المصرية الأصيلة.

التركيبة المصرية الأصيلة تعرف منهج «كل يوم مكرونة بالفراخ». إنه المنهج القائم على الاعتراض على وجبة اليوم. «كل يوم مكرونة بالفراخ؟» فتخبره أن ما يأكل ليس مكرونة بالفراخ، بل قلقاس، فيستمر بلا حياء أو تعقل: «كل يوم قلقاس؟ كل يوم قلقاس؟»

وعلى سبيل التذكر، أذكر نفسى وإياكم بأن شعب السودان، أو من تبقى من إخوتنا السودانيين فى السودان، «عالق فى جحيم من العنف». هذه ليست مبالغة أو طنطنة. إنها الكلمات التى استخدمتها الأمم المتحدة للشئون الإنسانية فى السودان نكويتا سلامى لوصف الوضع فى السودان، جارنا الجنوبى. وأزيدكم من الشعر بيتاً حيث إخوتنا فى السودان ليسوا عالقين فى جحيم عنف فقط، ولكن خطر المجاعة يضيق خناقه عليهم.

يبدو أن وتر التناسى يتم الدق عليه من كل جانب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على وتر التناسي على وتر التناسي



GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

‫تكريم مصطفى الفقى‬

GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon