توقيت القاهرة المحلي 05:05:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن دوار الحرب وتركيبة المصريين

  مصر اليوم -

عن دوار الحرب وتركيبة المصريين

بقلم - أمينة خيري

متابعة عناوين الأخبار الواردة من غزة وعنها وحدها كفيلة بالإصابة بالدوار: «أمريكا تبحث فى إمكانية وقف مؤقت لإطلاق النار فى غزة»، «مسئول فى حماس يرفض أى وقف مؤقت لإطلاق النار»، «إسرائيل ترفض عرض حماس لوقف إطلاق النار»، «مشروع قرار فى مجلس الأمن لوقف إطلاق النار فى غزة»، «توقعات برفض أى قرار عن وقف إطلاق النار»، «ماذا نعرف عن المقترح الجديد لوقف إطلاق النار؟»، «حماس: سنقاتل من أجل وقف إطلاق النار»، «حماس: وقف إطلاق النار يتم بشروطنا»، «إسرائيل: وقف إطلاق النار بهذه الشروط وهم».

المتابع يصاب بالدوار، فما بالك بأهل غزة الذين طالبتهم إسرائيل بالنزوح جنوباً ليبقوا بعيداً عن مرمى إطلاق النار، فإذ بإطلاق النار يصل الجنوب حيث يكتظ ما يزيد على مليون رجل وامرأة وطفل فى مدينة رفح الفلسطينية المتاخمة للحدود المصرية.وبينما تُكتَب هذه الكلمات، تهز انفجارات مدينة رفح الفلسطينية، وقبل ساعات عبّر وزير الخارجية أنتونى بلينكن عن مخاوفه فى شان «التوسع المحتمل» للعمليات الإسرائيلية فى رفح الفلسطينية.

بعدها بسويعات، كانت إسرائيل تضرب رفح، وكانت الأمم المتحدة تعبر عن قلقها من ضربات «محتملة» على رفح الفلسطينية، وكان القائد الأعلى الإسرائيلى المسئول عن العملية العسكرية الإسرائيلية فى جنوب غزة دان جولدفوس يصرح نهاراً جهاراً بأنه لا توجد «بعد» خطة لتقليل أعداد القتلى المتوقعين فى رفح!

وعلى هامش هذه الفوضى العارمة فى الإقليم (دعونا لا ننسى الجبهات المفتوحة مع حرب القطاع حيث حزب الله وإيران وسوريا واليمن) التى لم تتسبب فيها حرب غزة، بل فاقمتها بين دول تعانى الأمرين من الصراعات الحالية فى السودان واليمن، وأخرى ما زالت تحاول التعافى من سنوات الحرب مثل سوريا، والتدخلات الدولية مثل العراق، وأخرى تجد نفسها ملعباً خلفياً لصراعات القوى الكبرى والمتوسطة والصغرى والقوس مفتوح، لا يسع المرء سوى التفكير فى هامش الإنسانية والقيم الأخلاقية.

بالإضافة بالطبع للخسائر البشرية الفادحة، فإن ما لحق ويلحق بمنظومة القيم والقواعد الأخلاقية والإنسانية، وإيمان الناس بها أكثر فداحة. بأى «وش» سيربِّى الأهل والمعلمون والتربويون الصغار والمراهقين على أن الحق والعدل والخير والجمال أساسيات وبديهيات إنسانية لا جدال فيها؟!

البعض يعتبر مثل هذه الأفكار نظريات لا تسمن ولا تغنى من جوع. لكن هذه النظريات هى ما تسمن فى التربية وتغنى من جوع ضعف النفس البشرية.

على أي حال، نتابع ما يجرى حولنا ونحن فى القلب منه، وفى هذا القلب شعب مصر الذى يعايش ويكابد فى الأعوام الـ13 الماضية ما لم يكابده على مدار عشرات السنين. حتى أوقات الحروب الصعبة، أو الأزمات الاقتصادية الطاحنة، أو التقلبات الدولية الشديدة المنعكسة علينا سلباً، لم يحدث أن تحالفت عوامل دولية وإقليمية ومحلية فى وقت واحد لتختبر قدرته على الصمود.

السطور التالية ليست سياسية، كما لا تدعو أو تلمح من قريب أو بعيد بأن على المواطن المصرى أن ينظر إلى ما يجرى حوله ويسعد ويهنأ بما لديه، ولو كان فتاتاً.

هى سطور ترصد طبيعة وتركيبة أقل ما يمكن أن يقال عنهما إنهما متفردتان.

أخبر العامل البسيط زميله، بينما يسحب 50 جنيهاً من ماكينة الصراف الآلى أنه «يسحب اليوم بيومه» فى محاولة لضبط الميزانية، «والحمد لله على كل شىء».

عاملة النظافة التى تعمل باليومية وتمضى ثلاث ساعات من أربع ساعات العمل فى التذمر من سعر الشاى والباذنجان والسكر، تخبرك وهى تستعد للعودة إلى البيت إنها ستجهز للعائلة طبقاً معتبراً من بواقى طعام أمس وأمس الأول بعد إضافة تقلية وشطة لتمويه المكونات مذيلة وصفتها بـ«الحمد لله نعمة».

ولا يسعنى سوى تذكر الدكتور حسين الجزائرى وقت أن كان مدير المكتب الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط فى القاهرة حين قال فى إحدى الفعاليات إن تحية «إزاى أو كيف الصحة؟» المعروفة عربياً لا تسفر إلا عن إجابة واحدة هى «الحمد لله» حتى لو كان المجيب مصاباً بأمراض الدنيا والآخرة.

أكرر، هذه ليست دعوة لمزيد من التحميل أو الاكتفاء بالرضا بالحال أو المقارنة مع آخرين أقل حظاً أو أمناً أو حماية.

هذه تحية واجبة للمصريين.

هذا التفرد فى التركيبة المصرية لا يمكن الاعتماد عليه وحده من أجل البقاء.

وأحسن ما فى حزمة الحماية الاجتماعية غير المسبوقة التى أعلن عنها الرئيس السيسى قبل ساعات هو تضمنها مكونات تضمن نوعاً من الحماية المستدامة.

كل المطلوب الآن المزيد من الحماية المستدامة عبر سياسات اقتصادية يتم تدشينها «على مياه بيضاء»، واستدامة الدور الرقابى الصارم الحاسم العادل المستمر للسوق والقائمين عليه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن دوار الحرب وتركيبة المصريين عن دوار الحرب وتركيبة المصريين



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon