توقيت القاهرة المحلي 01:32:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غزة والقنابل الموقوتة ونضال الأثير

  مصر اليوم -

غزة والقنابل الموقوتة ونضال الأثير

بقلم - أمينة خيري

 

في كل مرة نظن إننا رأينا الأفدح والأفظع، نجد أننا بصدد المزيد، من فلسطين إلى لبنان، ومنه إلى الجزائر والعراق وسوريا، واليمن والسودان ومجدداً إلى فلسطين ورحى الصراع تأبى أن تخفت على مدار عقود طويلة.

يبدو للوهلة الأولى أن الصراع تفجر فجأة، لكن الصراعات التي تظل مكتومة، أو لا تحل حلولاً جذرية عادلة، أو حتى شبه عادلة، تكون أشبه بالقنبلة الموقوتة التي يتم تأجيل انطلاقها مرات لكن مآلها الانفجار ذات يوم.

وبعيداً عن تقييم عمليات "حماس" يوم 7 الجاري، وهل ينبغي إخضاعها لحسابات المكسب والخسارة، وهل بالفعل علينا اعتبار شهداء غزة والدمار الذي لحق بها – ومازال- ثمناً معقولاً لعمليات "حماس" أم لا، فإن الصراعات لا تنتهي إلا بالحلول مهما طال الزمن.

تخفت أو تخمد، حتى يهيأ للرائي إنها تبخرت، لكنها تكون في مرحلة كمون لحين إشعار آخر، في بداية الأحداث الدامية، كتب صديق إعلامي مسؤول عن قطاع كبير في الإعلام المصري على صفحته على «فيسبوك» كلمتين بليغتين: «الهدف مصر».

كثيرون أثنوا على ما كتب، واعتبروهما خير الكلام ما قل ودل، لكن البعض الآخر، اعتبر الكلمتين تهويلاً لا محل له، ومرت الساعات لتثبت أن هناك ما يحاك فعلياً خلف أبواب المتاريس المغلقة والمفاوضات غير المعلنة.

وحين "ينصح" متحدث عسكري إسرائيلي "بالفم الملئان" أهل غزة الفارين بالتوجه إلى مصر، فهذه ليست زلة لسان أو خطأ غير مقصود، بل هو صميم ما يدور منذ سنوات في دوائر عديدة.

ويكفي أن دراسات وأوراق بحثية بريطانية عديدة منشورة وليست سرية تتحدث عن خيار "وطن بديل" لأهل غزة في سيناء.

الغريب والمريب أن نجد البعض بيننا يسخر من مثل هذا الطرح، مشككاً في مصداقيته ومتهماً من يحذر من شيوع ذلك الطرح بأنه ضحية نظرية المؤامرة أو أنه يحاول التملص من مسؤولية مصر تجاه القضية، وهي المسؤولية التي لم تمل مصر يوماً أو تكل أو تبخل بالأرواح والعتاد من أجل الدفاع عنها.وعلى سيرة الدفاع، فإنه حري بنا جميعاً اتباع قدر أوفر من التعقل والتفكر فيما هو مطلوب من الجميع في هذه المرحلة.

الحماسة والاتقاد والحمية والبطولة جميلة حقاً، والإسراع لنجدة المظلوم والمقهور واجب على كل من يحمل قلباً وعقلاً.

لكن فرقاً كبيراً بين كتابة تدوينة على "فايسبوك" أو تغريدة على "تويتر" أو تداول صور وفيديوهات على "إنستاغرام وغيرها من منصات ال"سوشيال ميديا"، وبين اعتبار هذه التغريدة أو التدوينة خطة عمل تعتنقها دولة وتصبح خطة عمل شعب.

أسهل ما يمكن عمله في الدنيا هو الجلوس أمام الشاشة، وتكييل الاتهامات يميناً ويساراً، وتوزيع المسؤوليات على القاصي والداني، وحل مشكلات الكوكب بمساعدة فنجان شاي باللبن وبقسماطة ساعة عصاري.

من حق كل منا أن يعبر عن رأيه وإيمانه، لكن ليس من حق أي منا أن يكيل اتهامات بشعة وفجة لآخرين بمجرد الاختلاف في الرأي أو التوجه، هذا إن كنا نؤمن حقاً بالتعددية وحرية التعبير لا سيما في مجالات نصرة المظلوم.

فالمظلوم المقهور المعرض للقتل والتهجير لن يتفرق معه كثيراً تلك الاتهامات المتبادلة التي ينوء بها أثير ال"سوشيال ميديا"، هي للاستهلاك المحلي فقط، وأغلبها من باب "طق الحنك" كما يقول أخوتنا اللبنانيون.

وأشير في هذا الصدد أيضاً إلى أهمية التفرقة بين التصريحات الرسمية لمسؤولين، والتصريحات "الحبية" لمسؤولين سابقين. بمعنى آخر، "إللي إيده في المياه مش زي إللي إيده في النار".

بمعنى ثالث، لا يمكن للمسؤول في أي بلد كان في مشارق الأرض ومغاربها أن يعمل ناشطاً حقوقياً في فترة المساء والسهرة، وذلك بعد انتهاء مواعيد العمل الرسمية في الوزارة أو المصلحة.

بمعنى رابع، المسؤول السياسي في أمريكا وبريطانيا وزامبيا وبيرو والهند وأندونيسيا ومصر وفنلندا وأوغندا وغيرها من بلدان الكوكب ملتزم بسياسات بلاده ومصالح شعوبها، ولا يسمح له بالتعبير عن وجهة نظر مغايرة، حتى لو كان يؤمن بها طالما هو في المنصب.

بعد أ يترك المنصب، وطالما لا يوجد قواعد مسبقة تلزمه بعدم الجهر بآرائه (بحسب قواعد كل دولة)، فإنه حر طليق يفعل ويقول ما يحلو له، طالما لا يخرق القوانين.

بمعنى خامس، جميل جداً أن يخرج علينا مسؤول "سابق" يحدثنا بكل ما أوتي من دفق حقوقي واتقاد نضالي، لكن الأجمل أن نعي أنه مسؤول سابق.

كلمة أخيرة، رئيس وزراء سكوتلاندا حمزة يوسف خرج قبل أيام متحدثاً عن والدي زوجته فلسطينية الأصل، وإنهما عالقان في غزة حيث كانا في زيارة وقت اندلاع الأحداث.

يوسف، وهو أول رئيس وزراء مسلم في أوروبا الغربية، مقيد بسياسة بلاده.

ويشار أنه أدان عملية حماس، وأعلن مشاطرة أفراد الجالية اليهودية في سكوتلاندا مخاوفهم على أفراد أسرهم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة والقنابل الموقوتة ونضال الأثير غزة والقنابل الموقوتة ونضال الأثير



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon