توقيت القاهرة المحلي 11:02:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إنقاذ الإعلام العربى

  مصر اليوم -

إنقاذ الإعلام العربى

بقلم - أمينة خيري

أقل ما ينبغى أن يصدر عن «منتدى دبى للإعلام» فى دورته الـ18 التى انعقدت فى دبى يومى 27 و28 مارس الجارى، ملخص يحوى صورة حقيقية لواقع الإعلام العربى، وومضات عن الاحتمالات المستقبلية.

هذه الومضات تنقسم إلى نصفين: الأول يضىء فى حال تنبّه القائمون على أمر الساحة الإعلامية إلى ما ينبغى عمله ويتوجّب تفاديه، ليبقى الإعلام قائماً ومؤدياً لدوره، والثانى يفرقع فى وجوه الجميع حال رفض القائمون التفكير وأصروا على إبقاء الوضع على ما هو عليه.

وضع الإعلام العربى الحالى لا يسر كثيراً. هناك قصص نجاح عديدة واضحة للجميع، حيث محاولات هنا وهناك لمواكبة العصر، بل ومسارعته، مثلما يحدث فيديو مثلاً من حيث الرقمنة والتعايش السلمى مع ما هو قادم من «روبوت إعلامى» وتجهيزات لتعزيز الحضور على «لينكد إين»، أو التفاعل مع جمهور «فيس بوك» وبناء المجتمعات عبر الفيديو والمجتمعات، وغيرها.

لكن هناك أيضاً ملامح عناد ومعالم اكتفاء بشكل خارجى توحى بالتحديث، وتقول إنه مواكب للتجديد، لكنه أبعد ما يكون عن ذلك.

فعاليات المنتدى هذا العام، الذى أقيم تحت رعاية نائب رئيس الإمارات ورئيس مجلس الوزراء حاكم دبى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، تنضح بقلق واضح حول واقع الإعلام العربى. عنوان «الإعلام العربى: الواقع والمستقبل» حمل كشفاً للوضع الراهن الذى لا يمكن وصفه إلا بالمثير للقلق ومدعاة التفكير من أجل التصويب. كما سلط الضوء أيضاً على المستقبل القريب الذى يحمل تحديات بقدر حمله فرصاً وإمكانات.

لكن ماذا تفعل الفرص والإمكانات لو كان القائمون على أمر المهنة سعداء بفقاعات الشائعات، وراضين بتحول مهمة الصحافة من بحث عن الحقيقة، وكشف للمعلومة، إلى تنقيب فى بالوعات الشائعات وتسليط الضوء على كل ما لا ينفع فى عوالم الأخبار الكاذبة والمجتزأة والملفقة؟ وماذا تفعل الفرص والإمكانات حين يطول وقت الإغراق فى صحافة إعادة تدوير المعلومات المغلوطة والأخبار المطبوخة بمكونات فاسدة على متن بعض منصات التواصل الاجتماعى وتقديمها للمتلقى فى طبق «الصحافة المسئولة»؟ وماذا تفعل الفرص والإمكانات لو أعمت نسب المشاهدة المرتفعة والـ«ترافيك» الهائلة الناجمتين عن «شاهد قبل الحذف» و«اقرأ كيف سبّ فلان علان» عن مهمة الإعلام الأصلية فى الإعلام والإخبار والتوعية والوقاية؟

التوعية والوقاية، والإخبار والإعلام، أو كل ما سبق، فى زمن اعتماد الملايين على تدوينات «فيس بوك» مصدراً للمعلومة، ومجموعات «واتس آب» وسيلة للتواصل معرضة لأخطار داهمة. هذه الأخطار سببها ليس مواقع التواصل الاجتماعى فى حد ذاتها، بل تسليم الكثيرين من العاملين فى الإعلام التقليدى، والمفترض أنهم مدربون ومحنكون فى ما يختص برسالة الإعلام بأن أسهل طريق للانتشار والنجومية يمر عبر بوابة إعادة تدوير ما ينجم عن هذه المنصات، دون تدقيق أو حتى تصحيح. تصحيح الوضع الحالى فى الإعلام العربى لم يعد رهن مواكبة العصر ورقمنته و«روبوتاته»، التى بدأت تقرأ نشرات الأخبار بديلاً عن القارئ الإنسان هنا وهناك فقط. لكن التصحيح يبدأ بالنظر فى المرآة والتسليم بأن واقع الإعلام العربى -كما اتضح من جلسات «منتدى الإعلام العربى»- فى أزمة حقيقية.

هذه الأزمة تبدأ بخلطة جهنمية للسياسة بالإعلام، وتمر بمحتوى فى حاجة ماسة إلى إعادة النظر وإعادة الهيكلة حتى لا يفقد المزيد من المتلقين المنصرفين عنه إلى عوالم عنكبوتية، وينتهى بدراسة متعمّقة، لكن على وجه السرعة لما يحمله هذا الإعلام من رسائل كراهية وتحريض (ربما دون أن يدرى)، وإعادة نشر للأكاذيب والبروباجاندا (سواء للاستهسال أو لرفع نسب القراءة والمشاهدة).

وفى خضم الأزمة، يتوجّب على الإعلام التوقّف لحظة ومحاسبة نفسه، أملاً فى أن يقوّم مساره. وإذا كانت المنطقة العربية يعصف بها التطرّف عصفاً ويحوّل الإرهابُ التكفيرى دولاً بأكملها إلى خارطة شرق أوسط جديد قوامه فتنة، وإطاره فوضى، فقد حان وقت التفكير بديلاً عن التكفير. الشيخ محمد بن راشد لفت إلى دور الإعلام الذى تتعاظم أهميته مع ارتفاع منحنى التحديات التى تمر بها المنطقة والعالم، جراء المتغيرات السياسية والأيديولوجية. وهو تحدث بصراحة عن غياب الرسالة الإعلامية المتوازنة، مما أدى إلى إزكاء وتوسيع دائرة التبعات السلبية. هذا يستوجب التصدّى لخطاب الكراهية والفضل المضلل الذى يُلهى شعوب المنطقة عن مستقبلها ويعيقها عن غايتها فى بناء أفرادها.

مستقبل الإعلام يتطلب مراجعات حقيقية ومبادرات واقعية. رئيسة نادى دبى للصحافة ورئيسة اللجنة التنظيمية للمنتدى السيدة منى المرى، قالت أو وضعت تصورات المستقبل لا بد أن يمر بمراجعة دقيقة للواقع. وهذا هو مربط الفرس فى إنقاذ الإعلام العربى.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع   

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنقاذ الإعلام العربى إنقاذ الإعلام العربى



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon