توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ناصر 66

  مصر اليوم -

ناصر 66

بقلم - أمينة خيري

ستة وستون عامًا كافية لسقوط أقنعة ونمو أخرى. وهى كافية أيضًا لسطوع نجم عهود وانطفاء أخرى. ولعل السنوات السبع الماضية بمثابة سبعة عقود فيما حملته لنا من كم هائل من الانكشافات والتحولات والتغيرات والترديات والانهيارات، بالإضافة إلى كم آخر هائل أيضًا من الفرص لإعادة البناء على مياه بيضاء عزت فى أزمنة سابقة.

كل ما سبق من عهود تلون بألوان قادته، وانعكست توجهات بعينها دونًا عن غيرها فى كتب التاريخ، وتسميات وليست أخرى لأسماء الشوارع والميادين، ومحبة لشخصيات دون غيرها فى مسيرة الأمة والأمم المجاورة.

وقد عانى عهد «الزعيم» (وهو لقب استحقه عن جدارة) الراحل جمال عبدالناصر من التجاهل حينًا، والكراهية حينًا، والتقييم بعين العهد الجديد رغم أنف الجميع أحيانًا. وما الحوارات الدائرة رحاها والنقاشات الجارية على قدم وساق بين كثيرين حول سياسات ناصر وما أسفرت عنه، وتقييم سنوات حكمه بين مؤيد محب عاشق على طول الخط، ومعارض كاره ناقم على طول الخط الآخر الموازى إلا سمة إيجابية من سمات ما بعد الثورات الكبرى، بما فى ذلك الثورات التى تفشل فى تحقيق أهدافها الأصلية.

والأصل فى التاريخ هو السرد ومن ثم التفنيد والشرح والتحليل. وحين يكون السرد مسيسًا أو مؤدلجًا أو ملتحفًا برداء دينى، يأتى التفنيد منحازًا والشرح جائرًا والتحليل ظالمًا. وهذا ما كبرنا عليه وعهدنا عليه آباءنا وأجدادنا. وضمن المميزات الكبرى للسنوات السبع الماضية أن قطاعات عريضة من المصريين توافرت لديها فرصة البحث والتنقيب بنفسها بعيدًا عن توجهات منهج التاريخ وإملاءات مسؤولى البث التليفزيونى وميول الأنظمة والحكام.

ولعل أحد الجوانب القليلة المضيئة فيما أسفرت عنه ثورة يناير المغدورة المهدورة هو ذلك الهامش الشعبى المتوافر بغية البحث والنقاش. صحيح أن السطحية تغلب حينًا، وإعادة التدوير تهيمن حينًا آخر، والهرى والهرى الآخر يسيطران دائمًا، إلا أنها خطوة جيدة فى طريق تكوين الرأى وتشكيل التوجه بعيدًا عن الأساليب التقليدية.

وبينما نحن نحيى الذكرى الـ 66 لثورة يوليو التى أججت حركات التحرر والتغيير فى أرجاء شتى فى العالم، لا تهيمن على الذكرى لدى ما درسته من أهداف ستة، ثلاثة «قضاء» وثلاثة «إقامة» كما حفظتها وكتبتها على ورق الامتحان. كما لا تسيطر على سنوات قليلة من محاولات محو سيرة الرجل وأخرى طويلة من جهود إمساك العصا من المنتصف حيث الإشارة إليه ولكن دون إفراط والحديث عنه دون تمجيد.

حتى المرة الأولى التى صُدمت فيها بقراءة كتاب عن تاريخ الشرق الأوسط فى الجامعة والإشارة إلى ثورة يوليو باعتبارها «انقلاب عسكرى» Coup d’etat لا تهيمن على الأفكار فى مناسبة مرور 66 عامًا.

لكن صور ناصر التى تم رفعها فى ثورة يونيو 2013 هى التى تأتى فى المقدمة. وسواء تم رفعها بفعل فاعل بعينه أو بدافع شعبى فطرى، فإن رد الفعل فى الشارع هو ما يعنينى. فقد استقبل قطاع كبير من المصريين الذين نزلوا إلى الشوارع بدافع تخليص مصر من قبضة الدولة الإخوانية صورة ناصر استقبالا كله حفاوة وحنينا.

هذه الحفاوة وهذا الحنين هو الذى يتبدى فى محلات قديمة عتيقة فى أنحاء متفرقة مازال أصحابها يعلقون صورة «الزعيم» على الجدار. وهو اختيار لا يمكن تصنيفة بـ«التطبيل»، فقد رحل الرجل عن عالمنا منذ 48 عامًا.

هذه رسائل لكل من يتخيل تفكيره السطحى أو تسول له نفسه المتملقة المتحذلقة أن رفع اسم هذا من كتاب التاريخ أو منع ذكر ذاك فى برامج التليفزيون أو فرض تحليل يجمل عهدا ما أو آخر يقبحه سيدوم ويبقى فى ذاكرة المصريين.

صحيح أن الذاكرة تمر بارتجاجات وهزات عنيفة، وتعانى صدمات وانكشافات عميقة، لكن فى النهاية لن تفرض جهة أو فرد أو أيديولوجيا مكانة سابقة التجهيز فى القلوب وقيمة معدة سلفًا فى العقول.

تحية إلى ثورة يوليو وما سبقها وما تلاها من ثورات، وتحية أكبر لكل من ينأى بنفسه عن استلاب التاريخ أو انتحال صفة صالون التجميل للقادة والأنظمة والشعوب.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ناصر 66 ناصر 66



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon