توقيت القاهرة المحلي 13:05:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فلك «اليوم التالي»

  مصر اليوم -

فلك «اليوم التالي»

بقلم - أمينة خيري

بكل اللغات واللهجات، الجميع يفكر في «اليوم التالي». «ماذا بعد؟» «طيب وبعدين؟» «شو بدو يصير؟» الكل منشغل بسيناريوهات ما بعد انتهاء حرب غزة.

هل تبقى «حماس» في غزة؟ هل تخرج «حماس» من غزة؟ من يحكم غزة في حال خرجت «حماس»؟ هل وكيف يعود أهل غزة إلى حياتهم الطبيعية؟ وأسئلة كثيرة يدور أغلبها في فلك «اليوم التالي».

فلك «اليوم التالي» يصعب التخطيط الحقيقي له دون التطرق إلى مصاعب وعراقيل اليوم الحالي. حالياً، أتون الحرب - رغم خفوتها نسبياً - ما زالت دائرة، والمفاوضات الصعبة والمتعثرة حيناً والماضية قدماً حيناً ما زالت بعيدة عن المحطة الأخيرة، وأهل غزة في الداخل يواجهون يومياً شبح الجوع والمرض والنزوح المستمر في حال أفلتوا من قصف هنا أو دك هناك. وفي حال انتهت الحرب، ووصلت المفاوضات إلى تسوية ما، وتوصلت الدول والهيئات إلى سبل تضمن إبعاد شبح الجوع والمرض عن أهل غزة، تبقى المعضلة الحقيقية في «أيديولوجيا» اليوم التالي.

«أيديولوجيا» اليوم التالي ستبقى الضامن الحقيقي لاشتعال الحرب مرات ومرات. الحركات القائمة على أيديولوجيات دينية أو ثقافية أو عرقية بديلاً عن منظومة الحقوق والواجبات، وكذلك الدول المعتمدة في وجودها على الانتقاء والتفرقة والعنصرية، والمنظومات الفكرية التي تتحكم فيها توجهات دينية أو ثقافية جميعها من شأنه أن يؤثر في اختيارات أو قرارات أو مآلات «اليوم التالي».

في يوليو عام 2018، أقرت إسرائيل قانوناً يمنح اليهود وحدهم حق تقرير المصير، فيما يعرف بـ «الدولة القومية»، وذلك في مقابل «الدولة الوطنية».

وإذا وضعنا حقيقة الاحتلال جانباً، فإن كل ما يتبقى لدينا اليوم واليوم التالي هو دولة قومية لا تعترف إلا بحقوق المواطنين اليهود في تقرير المصير، وحركة قائمة على فكر الإسلام السياسي، حتى لو كانت رمزاً للمقاومة وأيقونة للكفاح ونموذجاً للصمود!

صمود القضية الفلسطينية لعقود طويلة باعتبارها قضية احتلال يتم فيها تجاذب معضلات تاريخية وسياسية وإنسانية أمدها بسمة الاستمرارية والدعم من منطلق حقوقي. تحول القضية من صراع فلسطيني أو عربي إسرائيلي إلى صراع ديني، ودغدغة المشاعر الدينية والدق على أوتار أي من الشعوب هو شعب الله المختار، وأي من الأيديولوجيات هو الأقرب إلى السماء آخذ في تفريغ القضية من مكونها الأصلي، ألا وهو المكون الحقوقي.

المكون الحقوقي يتطرق إلى الحق في الأرض والوطن، والحماية من الاضطهاد والتهجير والقتل والضرر. أما المكون الديني، أو ما يتصور البعض إنها ديني، فيقف عند حدود الحلال والحرام، ونصرة المسلمين لا نصرة أصحاب الأرض والحق إلى آخر قائمة «التديين» المعروفة.

معروف أن تناول القضية الفلسطينية في المحافل الأممية والدولية لا ينتهج نهج حق المسلمين في مقابل حق اليهود، القضية الفلسطينية في الأمم المتحدة ومنظماتها ووكالاتها، وكذلك في قاعات المفاوضات والاجتماعات لا يرفع فيها أحد راية المعتقد أو الدين.

الدين لله والوطن للجميع، ولا الدولة القومية أو الحركات الأيديولوجية يمكن اعتبارها وطناً. تصورات وآمال وطموحات «اليوم التالي» تحتاج فك اشتباك فكري واتفاق على أسس مدنية وعقلانية وإنسانية وحقوقية من أجل استدامة الحلول، وإلا أصبحت حلولاً مؤقتة، وفرصة لإعادة شحن الهمم والنوايا لجولة الصراع المقبلة.

جميعنا يحلم بالتهدئة، والكل يأمل في حقن الدماء وإنقاذ ما يمكن إنقاذه ممن ومما بقي في غزة. والبعض بذل ويبذل كل ما يمكن بذله من أجل التخفيف عن أهل غزة ممن يدفعون الثمن في الداخل، لكن كل ذلك لا يقي غزة وأهلها والشعب الفلسطيني والمنطقة العربية شرور اليوم التالي الذي يداوي الفروع المعطوبة ولا يعالج جذع الشجرة المريض.

النعرات القومية تجني مكاسب آنية مبنية على زرع الشعور بالفوقية والغطرسة. والحركات والجماعات الأيديولوجية تحقق أرباحاً ناجمة عن الاستقطاب والتفزيع والترويع. وكلها مكاسب وأرباح وقتية، ناهيك عن كونها قنابل ملغومة.

القضية الفلسطينية قضية حقوق، و«اليوم التالي» لا ينبغي أن يكون مجرد هدنة بل حلاً حقوقياً مستداماً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلك «اليوم التالي» فلك «اليوم التالي»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon