توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عيد العمال مظلوم

  مصر اليوم -

عيد العمال مظلوم

بقلم - أمينة خيري

عيد العمال مظلوم. ظل على مدار عقود طويلة محبوساً فى حيز ضيق. الصورة الذهنية تقتصر على عمال المصانع -ولهم كل الاحترام والتبجيل والحب والتقدير- دون غيرهم. ومجريات السنوات القليلة الماضية، وتحديداً منذ أحداث يناير 2011 تخبرنا أن عيد العمال ينبغى أن يحظى بقدر أوفر من الاهتمام. فبالعمل، ولا شىء غير العمل، تنهض الدول وتتقدم الشعوب.

رأيى أن أول ما ينبغى العمل عليه، فى مناسبة عيد العمال، هو إعادة غرس مفهوم العمل وقيمته لدى الأجيال الصغيرة. بصراحة شديدة، لدينا عوار واضح وصريح فيما يتعلق بالعمل. نسبة كبيرة منا تعاديه، وتكن له نوعاً من العداء أو الثأر أو فلنقل افتقاد المودة. تشيع بين الكثير منا آفة مفادها: ما العمل الذى يتطلب أقل مجهود ممكن ويضمن أكبر مكسب متاح؟

ودون شعارات لا معنى لها أو كليشيهات لا طائل منها، كم فى المائة منا يتمنى أو كان يتمنى أن يكون «أسطى» حرفة ما؟ والمقصود بـ«أسطى» هنا هو الإلمام الكامل والشامل بأصول الصنعة أو الحرفة أو المهنة، إلماماً قائماً على دراسة لا فهلوة، وشغف لا اضطرار، ورغبة فى الإنتاج لا «كلشنكان»؟

الربط بين قيمة العمل الحقيقى لا «كده وكده» وبين ما جرى فى مصر وما كشفت عنه الأحداث فى عام 2011 يعود إلى الكشف عن ترد واضح أصاب قيمة العمل ومفهومه.

وأسبق أصحاب الحجج الواهية والأعذار السخيفة ممن يبررون ضعف إيماننا بقيمة العمل والذين يبررونه بـ«أصله غلبان» أو «فقير» أو «مسكين»، وأقول إن عذر الغلب كاد يصيبنا فى مقتل. هذا استولى على الرصيف لأنه غلبان، وذاك قرر أن يهيمن على ركن السيارات فى الشارع لأنه مسكين، وهذه احترفت التسول لأنها مهيضة الجناح، وهؤلاء اعتبروا أنفسهم أصحاب حق مطلق فى مد أياديهم فى جيوبنا بأشكال غير مباشرة لأنهم غلابة والقائمة تطول.

إصلاح منظومة العمل لن تتم عبر وزارة تكون مسئوليتها تعيين الملايين من خريجى كليات التجارة والآداب والحقوق والتربية فى وظائف مكتبية، أو بكتابة مقولات مأثورة عن أهمية العمل على جدران المدارس وكراسات التلاميذ، أو بتخصيص فقرة فى برنامج أو فتوى فى دار الإفتاء عن مكانة العمل فى الدين. إصلاح منظومة العمل تبدأ فعلياً وحرفياً وعملياً بزرع قيمة العمل ومحاربة آفة الفهلوة والقضاء على عذر الغُلب فى التعليم، مروراً بالأسرة حيث القدوة والتنشئة، والقوس مفتوح.

وعلى سيرة الفتح، أحاول جاهدة تأريخ بدايات تحريم قيام أتباع هذا الدين بالمعايدة على أتباع ذاك الدين، ولا أعرف -أو بمعنى أدق لا أريد أن أتذكر- كيف تسلل هذا الفكر السرطانى إلينا، ولكنى أعرف يقيناً لماذا. وبعيداً عن متى، وكيف، ولماذا أقول إن من يشيع تحريم المعايدة لا يستحق المواطنة، وإن من ألغى عقله وأغمض عينيه وسد أذنيه عن المنطق وآمن بأن التفوه بعبارة «كل سنة وأنت طيب» (المستخدمة فى غير أغراض التسول) تنتقص من تدينه عليه أن يراجع نفسه، ويسترجع عقله.

وبمناسبة الحديث عن العقل، هل يعقل أن تكون هناك فئة ليست قليلة من الشباب والشابات من المتعلمين، بمعنى يحملون شهادات مثل الثانوية العامة والدبلومات، ويعتقدون فى العام الـ24 من الألفية الثالثة، أن الصحافة هى علم الفراسة، أو يتعجبون أن هناك من يعمل صحفياً محترفاً بمعنى أنه يبحث عن الخبر، ويجرى حواراً «ماسك نفسه» (بعيداً عمن يحمل هاتفاً محمولاً ويصور فستان فنانة فى جنازة أو يستفز فناناً فى عزاء كنوع من السبق الصحفى)؟

سلمنا بأن مسألة شراء صحيفة ورقية ومطالعتها فى الترام أو فى البيت أو فى المقهى باتت حكراً على فئة عمرية معينة، لكن أن يصل الأمر لدرجة ألا يعرف الشاب أو الشابة ما تنطوى عليه مهنة الصحافة، فهذا أمر مثير للضحك، لكنه ضحك كالبكاء، لا سيما حين يُسأل الشاب: وكيف تعرف أخبار الدنيا؟ فيجيبك بإحدى مصيبتين، إما: من التيك توك وما يرسله إليه أقرانه من فيديوهات، أو «مش عايز أعرف».

ولأن الشىء بالشىء يذكر، هل أنا وحدى من يشعر بأن هذا النبع المعرفى العظيم الذى تمكنت مصر من توفيره، وأتاحته لكل مصرى ومصرية، والمسمى بـ«بنك المعرفة» أصبح أشبه بالكنز المدفون؟ ألا يستحق أن يكون فى صدارة المشهد وفى القلب من سعينا لنلحق بما فاتنا من معرفة علمية حقيقية، لا بحث عن الجن الذى يتزوج الإنس، أو حكم المرأة التى تزور أمها دون علم زوجها، أو كيفية رد المطلقة وجلب الحبيب؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيد العمال مظلوم عيد العمال مظلوم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon