توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا نريد؟

  مصر اليوم -

ماذا نريد

بقلم - أمينة خيري

ماذا نريد؟ ماذا نريد حقاً، لا للتداول الإعلامي أو لتلميع الصورة أو حتى لتحسين شكلنا أمام أنفسنا؟ ماذا نريد، لم يعد سؤالاً فلسفياً، بل سؤالاً حياتياً مصيرياً. ماذا نريد لأنفسنا وأبنائنا وأبناء الآخرين؟

 

مواقع ومصادر ومحاضرات التنمية البشرية عامرة بإجابات نموذجية على السؤال. محتوى لا أول له أو آخر يساعدك لتنظيم أفكارك، وتحديد أولوياتك، والخروج بإجابات مُرضية عما تريد.

يقولون إن الشخص العادي يأخذ نحو 35 ألف قرار يومياً. سواء كنت تطلب طعاماً «دليفري»، أو تختار مسلسلاً تشاهده، أو تقرر مصير علاقتك بصديق أو شريك، أو عبور شارع، فإن كلاً من هذه القرارات يتطلب من صاحبها مجهوداً ذهنياً ما، وهو أمر مرهق للغاية. كل قرار نتخذه يتطلب جزءاً من طاقتنا العقلية، فما بالك باتخاذ قرار مصيري مثل: ماذا نريد لأنفسنا وأبنائنا وأبناء الآخرين؟!

وإذا كان اتخاذ قرار تحديد وجبة أو عبور طريق يتطلب طاقة عقلية، فما بالك باتخاذ قرار لتحديد أولويات منطقة نعيش فيها؟! منطقة الشرق الأوسط تفرض ظروفاً وأجواء بالغة الصعوبة، ما يجعل الإجابة عن السؤال أمراً بالغ الصعوبة، سواء على مستوى الأفراد أو الشعوب أو الحكومات.

حروب وصراعات واحتقانات ومنافسات دموية وإصرار على الزج بالمكون الطائفي ليكون عنصراً ضامناً لاستمرار الاشتعال، إضافة إلى غياب الشعور بأن مستقبل المنطقة ومصيرها واحد، إن لم يكن بالاختيار، فبحكم الجغرافيا والتاريخ والثقافة، جميعها أمور تجعل من الشرق الأوسط منطقة دائمة الاشتعال، أو في أفضل الأحوال قابلة للاشتعال لأتفه الأسباب ومستصغر الشرر.

وإذا كان «معظم النار من مستصغر الشرر»، فهل هناك طريقة لتفادي مستصغر الشرر اتقاءً لشرور النيران؟ نعم! إذا تمكنت شعوب المنطقة وحكوماتها الرسمية المعترف بها إقليمياً ودولياً من الإجابة، فقد تنجو المنطقة من مصير يحدده مستصغر الشرر.

يقول خبراء التنمية البشرية الفردية إن أولئك غير القادرين أو غير الراغبين في معرفة ما الذي يريدونه في الحياة، يجدون أنفسهم في وضعية البقاء الجامد. يركزون على ما أمامهم، ولا يرون ما ينتظرهم على بعد سنتيمترات قليلة. يعيشون حياة قوامها القلق والإحباط وخيبة الأمل والتوتر.

المؤكد أن شرقاً أوسط بلا صراعات هو أقرب ما يكون إلى الحلم الوردي البعيد كل البعد عن أرض الواقع. والمؤكد أيضاً أن حل العُقد وحلحلة الأزمات والوصول إلى لغة حوار تجميع المتصارعين والمتحاربين، سواء في أرض المعركة الفعلية أو على حلبة الصراعات الأيديولوجية، أمور لا تلوح في الأفق.

أفق المنطقة متخم - منذ عقود طويلة - بتساؤلات وتوقعات لا تخرج عن «هل تنزلق المنطقة في صراع إقليمي واسع؟» و«متى تنفجر الجبهات المشتعلة في المنطقة» و«هل اقتربت القارعة؟» وغيرها من الأسئلة المفزعة. لكن الفزع لا يبني أو يقي أو يقرر لنا ماذا نريد!

تريد جهات وأطراف ودول عدة أن تقنعنا أن مستقبل المنطقة وحاضرها، ومن ثم مستقبلنا وحاضرنا تحدده الحروب والصراعات والمنافسات الدموية.

إنها ملامحنا في نهاية المطاف، فما نريد لها؟ ما يجري في المنطقة منذ عقود، والذي تبلور يوم 7 أكتوبر الماضي تريد أن تستحوذ على وتحتكر مهمة رسم ملامحنا وتقرير مصائرنا وملء قائمة «ماذا نريد؟» بالنيابة عنا.

هناك من يقرر أو يكتفي بالخضوع للتأثيرات والتعامل مع الظلال كرد فعل وسبيل للتعايش. وهناك أيضاً من يأخذ زمام المبادرة، فيصنع ملامحه ويقرر ماذا يريد، ويتصرف وفقاً لذلك. ويبقى الاختيار لشعوب المنطقة ودولها، لكن رفاهية الاختيار لا تأتي بضمان مدى الحياة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا نريد ماذا نريد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon