بقلم - أمينة خيري
ما بُنى على منطق فهو على الأرجح منطقى إلا لو طرأ طارئ أو حدث حادث. وما بُنى على تخبط فسيظل متخبطًا إلا لو وقعت معجزة من السماء أو هبط نيزك من الفضاء. وحيث إن القاعدة فى القرن الـ21 هى اعتماد البشر على أدمغتهم وقدراتهم فى حساب الأمور ومنطقة الظروف، فإن التعامل مع التطورات فى قضية ريجينى يتطلب قدرًا من المنطق وأقدارًا من الحكمة والحنكة والسرعة.
سرعة تطور الفعل وردوده فى مثل تلك الأحوال تعنى أنه ليس شأنًا داخليًا فى الإمكان التعامل معه، بحسب ثقافة المصريين، وفى ضوء أولويات الاهتمامات الشعبية المصرية من مأكل ومشرب وتعليم ومواصلات ونظام تأمين صحى إلى آخر القائمة المعروفة مسبقًا. كما أنه ليس شأنًا ثنائيًا بين دولتين، حيث الطرفان دون غيرهما الضالعان فيه. فالضلوع فى عصر المعلوماتية، وزمن ما بعد العولمة، وعقد المصالح والمصالح المضادة يعنى أن الأمر بات على المشاع. ومن سبق أكل النبأ.
الأنباء المتواترة عن قضية ريجينى تحمل الكثير من الجوانب السياسية وأوراق الضغط وأدوات تشكيل العلاقات بين الدول وتوجيه الرأى العام، بالإضافة بالطبع إلى مسؤولية الدول أمام مواطنيها للكشف عن مصائر رعاياها فى الخارج. وفى الخارج، حين يُقتل مواطن مصرى هنا أو هناك، أو يتعرض لضرب أو إهانة، تقوم الدنيا على مواقع التواصل الاجتماعى والتلاقى على المقاهى وفى البيوت مطالبة الدولة بـ«حق» المواطن.
حق ريجينى أمر مفهوم للغاية، وحق المصريين فى أن يعتمدوا على رواية رسمية يعتد بها أمر حيوى للغاية، وحق مصر فى أن تتخذ موقفًا منطقيًا قويًا مقنعًا مطلوب للغاية. ليس هذا فقط، بل إن إصلاح ما فسد أمر وارد، وترميم ما تضرر فرض واجب. وقد وجب الخروج المصرى من حيز مخاطبة الرأى العام المصرى الداخلى لمجال أوسع. قدر من الشفافية مع كيل من الدبلوماسية وقيراط من الحكمة تفى بالغرض. والغرض من هذا الحديث هو استهداف «الانزعاج الشديد» الذى ينتاب الدوائر السياسية الإيطالية ومعها بالطبع الدوائر التى تهرع إلى أول صفوف الهبد والرزع، ومن ثم المنصات الإعلامية التى لا حديث لها هذه الآونة إلا التطورات المتسارعة فى القضية، وما تحويه من إشارات واضحة صادرة عن إيطاليا بفتح الباب أمام جميع الاحتمالات، بدءًا من المضى قدمًا فى قطع العلاقات، مرورًا بآثار وخيمة على اتفاقات الغاز وعمل «إينى» الإيطالية وانتهاء إلى ما هو أكثر.
الأكثر أهمية فى الوضع الحالى هو التصرف بحكمة، والنأى بالنفس عن الاعتماد على العضلات الفكرية واستبدالها بالأفكار والتحركات نافذة البصيرة حتى وإن حملت فى طياتها ملامح أضرار آنية طفيفة.
هذه من المناسبات التى لا يليق فيها التعبير عن الأسف أو الإعراب عن الأسى أو الدق على أوتار نظريات المؤامرة حتى لو كانت لها آثار.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع