توقيت القاهرة المحلي 20:29:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

30 يونيو 2018

  مصر اليوم -

30 يونيو 2018

بقلم - أمينة خيري

لم ولن أندم يوماً على مشاركتى فى فعاليات «ثورة» 30 يونيو. مشاركتى فيها لم تأت عن طريق المصادفة أو المصادقة أو المقارنة، كل خطوة خطوتها كانت بكامل إرادتى، لم تكن بحكم عملى فى «جاردن سيتى» ومن ثم اضطرارى للمرور عبر ميدان التحرير، أو بدافع حب الاستطلاع لما يدور فى الميدان من كر وفر، أو حتى بتشجيع من الأصدقاء لنرى ما يجرى فى الميدان من أحداث وحوادث.

كنت أعود إلى بيتى فى مصر الجديدة بعد العمل وأهرع إلى محيط قصر الاتحادية، أكتب ما يجرى وأرسله لجريدة «الحياة» ضمن تغطياتى اليومية على مدار سنوات منذ اندلاع ثورة يناير 2011، تنتهى الكتابة وأبدأ فى المشاركة الشخصية، أهتف بقلبى ضد المرشد والدولة الدينية، أرى وجوهاً تختلف تماماً عن تلك التى كنت أراها فى يناير وفبراير 2011، لست من هواة التشخيص بناء على المظهر والعمر، لكن لا يسعنى سوى أن أعرج قليلاً على هذا التشخيص، الأعمار متوسطة وفوق المتوسطة فى أغلبها، الغالبية ليست من سكان قاعدة الهرم الاجتماعى بل وسطه وإلى حد ما فوق المنتصف، الجميع لا يتحدث عن عيش أو يتطرق إلى حرية أو يحلم بعدالة اجتماعية، بل يمعن فى التعبير عن إنقاذ البلد والأولاد من مصير أسود.

نعم هناك فوارق كبيرة بين محتوى الثورتين، حماسة الشباب فى الأولى ومثاليتهم المفرطة واندفاعهم الجميل فى أيام يناير الأولى كانت بالفعل ممتعة، صحيح أنها «اتطربقت على دماغهم وأدمغة من حولهم» بعدها، لكن أحداً لا ينكر أن أيام حلم التغيير بضغطة زر كانت جميلة، وتنافسها فى الجمال تلك اللوحات التعبيرية الرمزية التى كنا نسمع عنها «من بلاد بره» أو نقرأ عنها فى كتب الأجانب، الشاب الملتحى الذى عادة ينظر إلى الفتاة غير المحجبة بنظرات عدوانية وملامح تهديدية يجلس إلى جوارها فى الميدان يغنيان للحرية (رغم أن الغناء حرام والاختلاط مكروه)، وهلم جرا.

وقد جرى العرف الثورى أن يشطح الجميع بالأحلام والآمال والتوقعات وأن تتفاوت درجات الهبد على أرض الواقع، لذا طغت الواقعية بشكل أكبر والبعد عن الرمزية بشكل أوسع فى الثورة الثانية، أتذكر تلك الأحاديث التى جمعتنى وناس يشبهوننى فى العمر والحلم والرعب، فأبنائى وسلامتهم ومستقبلهم لهم الأولوية، والحلم ليس أمريكياً أو سعودياً أو أفغانياً، لكنه مصرى خالص يشبه مصر ما قبل غزو التدين المظهرى، وأما الرعب فهو رعب الدولة الدينية الذى تمكن من مفاصل كثيرين تصوروا أن «قال الله وقال الرسول» متمثلة فى تلك الجماعات المجرمة التى ترفع راية الدين، فى مثل هذه الأيام قبل خمس سنوات بالتمام والكمال، انخرطت كغيرى فيما اعتبرته إنقاذاً لأسرتى ولبلدى ولمصر التى افتقدتها منذ أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات، فى مثل هذه الأيام قبل خمس سنوات، صارحت نفسى وتصالحت معها، كم كتبت منتقدة لمجريات الأمور وقوائم الأولويات إبان حكم الرئيس الأسبق مبارك، وكم حلمت بوطن أكثر عدلاً وحرية ورفاهاً، لكنى لم أتصور يوماً أن أعيش فى كنف دولة تتخذ من الدين وسيلة للقمع، وتعتبر أتباع جماعتها مواطنين درجة أولى، لذلك، كانت الرؤية واضحة فى يونيو ويوليو 2013، لم أهتف للحرية، ليس كرهاً لها ولكن بدافع الواقعية فى النظر إليها، ولم أمعن فى التفكير فى العدالة الاجتماعية، لا ترفعاً عليها، ولكن تحت ضغط أولوية البقاء على قيد الحياة المدنية، واليوم وبعد مرور خمس سنوات على نجاح ثورة من لجأ إلى الشوارع إنقاذاً لمصر من براثن جماعة مجرمة وشبح دولة دينية، لم ولن أندم لحظة على هذا النزول، أعرف تماماً أن الحال اليوم ليس مثالياً، وأن الوضع ليس على ما يرام، لكن من قال إن سنوات طويلة من الفساد والإفساد وترك الدولة نهباً لجماعات ترتدى جلباب الدين ستتبخر آثارها بين ثورة وضحاها؟! ومن قال إن سنوات قليلة من الحراك السياسى والفوضى الاجتماعية والعشوائية الاقتصادية ستؤتى ثماراً مُرضية؟!

وإن سئلت عن أولويات مصر اليوم أقول: أولاً مواجهة المد السلفى الشعبوى المستشرى فى المجتمع مواجهة ثقافية وليست أمنية، ثانياً مجابهة الفوضى الرهيبة فى الشارع والعشوائية شبه الكاملة فى المؤسسات، ثالثاً: فتح المجال السياسى لأن السدة السياسية فيها سم قاتل، رابعاً: التعامل مع الإعلام باعتباره سُلطة رابعة (بضم السين) وليس سَلطة قامعة (بفتح السين).

نقلا عن الوطن

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

30 يونيو 2018 30 يونيو 2018



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:59 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تصريحات فيفي عبده تتصدر التريند
  مصر اليوم - تصريحات فيفي عبده تتصدر التريند

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 20:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

أنجلينا جولي تكشف عن شعورها تجاه عملها بعد رحيل والدتها

GMT 15:48 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

ليونيل ميسي يختار نجمه المفضل لجائزة الكرة الذهبية 2024

GMT 13:55 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

اتفاق رباعي علي خارطة طريق لإيصال الغاز إلي بيروت

GMT 06:11 2020 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الشكشوكة التونسية

GMT 19:44 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل العثور على "سوبرمان هوليوود" ميتاً في صندوق

GMT 04:38 2019 الثلاثاء ,09 تموز / يوليو

تعرفي على 9 موديلات مميزة لتزيّني بها كاحلكِ

GMT 22:22 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

مستوى رمضان صبحي يثير غضب لاسارتي في الأهلي

GMT 04:46 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

إليكِ أفكار سهلة التطبيق خاصة بديكورات المطابخ الحديثة

GMT 02:17 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

مناظر خلابة ورحلة استثنائية في جزر فينيسيا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon