توقيت القاهرة المحلي 06:50:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

30 يونيو 2018

  مصر اليوم -

30 يونيو 2018

بقلم - أمينة خيري

لم ولن أندم يوماً على مشاركتى فى فعاليات «ثورة» 30 يونيو. مشاركتى فيها لم تأت عن طريق المصادفة أو المصادقة أو المقارنة، كل خطوة خطوتها كانت بكامل إرادتى، لم تكن بحكم عملى فى «جاردن سيتى» ومن ثم اضطرارى للمرور عبر ميدان التحرير، أو بدافع حب الاستطلاع لما يدور فى الميدان من كر وفر، أو حتى بتشجيع من الأصدقاء لنرى ما يجرى فى الميدان من أحداث وحوادث.

كنت أعود إلى بيتى فى مصر الجديدة بعد العمل وأهرع إلى محيط قصر الاتحادية، أكتب ما يجرى وأرسله لجريدة «الحياة» ضمن تغطياتى اليومية على مدار سنوات منذ اندلاع ثورة يناير 2011، تنتهى الكتابة وأبدأ فى المشاركة الشخصية، أهتف بقلبى ضد المرشد والدولة الدينية، أرى وجوهاً تختلف تماماً عن تلك التى كنت أراها فى يناير وفبراير 2011، لست من هواة التشخيص بناء على المظهر والعمر، لكن لا يسعنى سوى أن أعرج قليلاً على هذا التشخيص، الأعمار متوسطة وفوق المتوسطة فى أغلبها، الغالبية ليست من سكان قاعدة الهرم الاجتماعى بل وسطه وإلى حد ما فوق المنتصف، الجميع لا يتحدث عن عيش أو يتطرق إلى حرية أو يحلم بعدالة اجتماعية، بل يمعن فى التعبير عن إنقاذ البلد والأولاد من مصير أسود.

نعم هناك فوارق كبيرة بين محتوى الثورتين، حماسة الشباب فى الأولى ومثاليتهم المفرطة واندفاعهم الجميل فى أيام يناير الأولى كانت بالفعل ممتعة، صحيح أنها «اتطربقت على دماغهم وأدمغة من حولهم» بعدها، لكن أحداً لا ينكر أن أيام حلم التغيير بضغطة زر كانت جميلة، وتنافسها فى الجمال تلك اللوحات التعبيرية الرمزية التى كنا نسمع عنها «من بلاد بره» أو نقرأ عنها فى كتب الأجانب، الشاب الملتحى الذى عادة ينظر إلى الفتاة غير المحجبة بنظرات عدوانية وملامح تهديدية يجلس إلى جوارها فى الميدان يغنيان للحرية (رغم أن الغناء حرام والاختلاط مكروه)، وهلم جرا.

وقد جرى العرف الثورى أن يشطح الجميع بالأحلام والآمال والتوقعات وأن تتفاوت درجات الهبد على أرض الواقع، لذا طغت الواقعية بشكل أكبر والبعد عن الرمزية بشكل أوسع فى الثورة الثانية، أتذكر تلك الأحاديث التى جمعتنى وناس يشبهوننى فى العمر والحلم والرعب، فأبنائى وسلامتهم ومستقبلهم لهم الأولوية، والحلم ليس أمريكياً أو سعودياً أو أفغانياً، لكنه مصرى خالص يشبه مصر ما قبل غزو التدين المظهرى، وأما الرعب فهو رعب الدولة الدينية الذى تمكن من مفاصل كثيرين تصوروا أن «قال الله وقال الرسول» متمثلة فى تلك الجماعات المجرمة التى ترفع راية الدين، فى مثل هذه الأيام قبل خمس سنوات بالتمام والكمال، انخرطت كغيرى فيما اعتبرته إنقاذاً لأسرتى ولبلدى ولمصر التى افتقدتها منذ أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات، فى مثل هذه الأيام قبل خمس سنوات، صارحت نفسى وتصالحت معها، كم كتبت منتقدة لمجريات الأمور وقوائم الأولويات إبان حكم الرئيس الأسبق مبارك، وكم حلمت بوطن أكثر عدلاً وحرية ورفاهاً، لكنى لم أتصور يوماً أن أعيش فى كنف دولة تتخذ من الدين وسيلة للقمع، وتعتبر أتباع جماعتها مواطنين درجة أولى، لذلك، كانت الرؤية واضحة فى يونيو ويوليو 2013، لم أهتف للحرية، ليس كرهاً لها ولكن بدافع الواقعية فى النظر إليها، ولم أمعن فى التفكير فى العدالة الاجتماعية، لا ترفعاً عليها، ولكن تحت ضغط أولوية البقاء على قيد الحياة المدنية، واليوم وبعد مرور خمس سنوات على نجاح ثورة من لجأ إلى الشوارع إنقاذاً لمصر من براثن جماعة مجرمة وشبح دولة دينية، لم ولن أندم لحظة على هذا النزول، أعرف تماماً أن الحال اليوم ليس مثالياً، وأن الوضع ليس على ما يرام، لكن من قال إن سنوات طويلة من الفساد والإفساد وترك الدولة نهباً لجماعات ترتدى جلباب الدين ستتبخر آثارها بين ثورة وضحاها؟! ومن قال إن سنوات قليلة من الحراك السياسى والفوضى الاجتماعية والعشوائية الاقتصادية ستؤتى ثماراً مُرضية؟!

وإن سئلت عن أولويات مصر اليوم أقول: أولاً مواجهة المد السلفى الشعبوى المستشرى فى المجتمع مواجهة ثقافية وليست أمنية، ثانياً مجابهة الفوضى الرهيبة فى الشارع والعشوائية شبه الكاملة فى المؤسسات، ثالثاً: فتح المجال السياسى لأن السدة السياسية فيها سم قاتل، رابعاً: التعامل مع الإعلام باعتباره سُلطة رابعة (بضم السين) وليس سَلطة قامعة (بفتح السين).

نقلا عن الوطن

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

30 يونيو 2018 30 يونيو 2018



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon