بقلم - أمينة خيري
إنهم ينزعون المركزية من المدارس، ويعطون كل إدارة مدرسة الحرية لابتداع وابتكار محتوى دراسى وشكل مدرسى ونظام تعليمى يناسب الطلاب ويوائم المنطقة السكنية. فى بريطانيا الأطر الأساسية للمناهج واحدة وواضحة. وسبل تقييم المعلمين والمدارس صارمة وحاسمة. وبين المدرسة والدولة تقييم مستقل وممنهج لأداء المدرسة ومستوى الطلاب والطالبات. الأطر الواضحة والصريحة للمناهج قوامها الأساسى القيم البريطانية المتفق عليها من حيث الانتماء والولاء واحترام التعددية. أما المحتوى واختيار المناهج وطرق تقييم الطلاب وتدريسهم فتختلف من مدرسة لأخرى. لكن المسألة ليست سداح مداح، لكنها محسوبة أقصى درجات الحساب.
فلا المعلم يُترك لأهوائه السياسية أو الدينية ليعيث توجيهًا فى أدمغة الطلاب، ولا يُسمح له بتبرير ضيق ذات اليد أو ضعف الراتب أو قلة الحافز ليعطى هؤلاء درسًا خصوصيًا أو يجذب أولئك لـ«سنتر» خارج إطار المدرسة، فالرقابة واضحة ومتابعة ما يجرى فى داخل قاعات الدرس أمر مفروغ منه. صحيح أن الـtutoring أو الشرح الخاص بدأ يؤرق البعض، لكنه يظل قيد المراقبة والمتابعة.
متابعة أداء المدارس فى بريطانيا أمر بالغ الإثارة. فالمدرسة تتأثر بالمنطقة التى تخدمها. الأحياء التى تعانى نسب بطالة مرتفعة، أو نسب جرائم أكثر من غيرها، أو وجود مهاجرين ولاجئين غير مهرة، أى غير قادرين على العمل وغيرها من العوامل تؤثر مباشرة على المدارس. فالصغار صورة لذويهم، وتركيبتهم النفسية والذهنية تتأثر حتمًا بالأجواء التى يأتون منها. ولهذا فإن المدارس التى تنجح إداراتها فى تحويل المشكلات الاجتماعية إلى نقاط نجاح دراسية، أو تتغلب على الظروف والأحوال بابتكار طرق تدريس وشرح خارج صناديق الجمود والكلاسيكية تحظى بدعم واعتراف وتقدير وتكريم على مستوى بريطانيا.
بريطانيا أدركت منذ نهاية التسعينيات أنها فى حاجة لتطوير التعليم. وفى هذه السنوات كانت الثورة الرقمية فى بداياتها. وتشهد التجربة البريطانية فى الإصلاح محاولات عدة، ونقاط إخفاق ونجاح كثيرة. ورغم أنهم قطعوا شوطًا هائلاً على صعيد التطوير ومواكبة العصر، إلا أنهم مازالوا يرصدون مشكلات ويحاولون التغلب على عقبات.
والغريب أنهم، ورغم الاختلاف بيننا وبينهم من حيث التقدم والتطور، إلا أن القائمين على أمر التعليم لديهم عشرات القصص والحكايات عن مقاومة التطوير من قبل القائمين على التعليم. فبين معلم هو الأكثر مقاومة لإدماج التقنيات الحديثة والشبكة العنكبوتية وطرق التعليم الإلكترونية فى التعليم، وطالب فى حيرة من أمره ويرفض الابتعاد كثيرًا عن الكتاب، وأهل يعتبرون التابلت شرًا من الشرور وخروجًا على المألوف، لاقى التطوير والتحديث مقاومة كتلك التى نرصدها هذه الآونة ونحن بصدد الإصلاح.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع