توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مواضع اللحم

  مصر اليوم -

مواضع اللحم

بقلم - أمينة خيري

بينما نبذل الجهد الجهيد لإماطة الأذى والخراب، الذى لحق بالأدمغة جراء نصف القرن من تشويه الفكر وتجريفه، إذا برجل دين يُطل علينا فى نهار رمضان ليخبرنا أنه لا ينبغى للشاب أن يتقدم لخطبة فتاة بعد رؤيتها، إلا إذا تيقن أنه سيخطبها. نظرت إلى الشارع فوجدت هذه الملايين من الشابات والنساء المصريات اللاتى يدرسن ويعملن ويخرجن ويركبن المواصلات ويَقُدْن السيارات ويعالجن المرضى ويُعلمن الطلاب ويترددن على المطاعم والمقاهى، وحاولت أن أفهم ما يقصده المتحدث بـ«رؤية الفتاة»، فالفتيات مرئيات فى كل مكان لأنهن لسن كائنات نورانية نشعر بها ولا نراها.
لكن ما قيل بعد ذلك ألقى الضوء ربما على ما يقصده، فقد ذكر أنه يجوز شرعًا أن يتتبع الشاب الفتاة- التى اختارته له أمه أو أخته للزواج- فى مكان عام، فإن أعجبته تقدم لخطبتها، فهل الشباب والشابات يتزوجون فى العام الـ22 من الألفية الثالثة عبر ترشيح العروس من قِبَل الأم أو الأخت؟. المؤكد أن هذه الترشيحات تحدث، لكنها ليست قاعدة العثور على شريك وشريكة الحياة. ثم نأتى لـ«الثقيلة». ما المقصود بـ«يتتبعها فى مكان عام»؟. ليس هناك من تفسير إلا تتبعها بغرض معاينة البضاعة وتقييم المحتوى، فإن كانت مطابقة لمواصفات «الأيزو» القياسية تفضل وتكرم وتقدم لخطبتها. لا نلومَنَّ إلا أنفسنا إذن حين يتحرش الذكور بالإناث فى الشوارع عبر تدقيق النظر والتمعن فى الجسد، ولِمَ لا وبيننا من المرجعيات «الدينية» مَن يحلل ذلك، حتى وإن كان بغرض «شيل البضاعة وإنهاء الصفقة»، عفوًا أقصد حتى وإن كان ذلك بغرض الزواج. ثم مضى العالِم الجليل ليعرض ما تفضل به العلماء من آراء وتفسيرات حول ما يمكن رؤيته ومعاينته من جسد الأنثى بغرض الزواج.

وقدم الاختيارات كلها للذكر ليختار ما يشاء منها، فمنهم مَن قال الوجه- للتأكد من الجمال والحسن- والكفان لأنهما دليل على خصوبة البدن، ومنهم مَن أضاف القدمين، ومنهم مَن أجاز النظر إلى ما يظهر من الأنثى عند القيام بأعمال المنزل، مُحدِّدًا إياه بستة مواضع: الشعر والرقبة والوجه والقدم واليد والساق، ومنهم مَن أجاز النظر إلى مواضع اللحم. آه والله.

ولم يسعنى إلا تخيل ملايين الطبيبات والمهندسات والمحاسبات وعاملات المنازل والصحفيات والطالبات وكذلك الوزيرات وغيرهن من القيادات وصانعات القرار وقد خرج عليهن مَن يقسم مواضع التدقيق فى أجسادهن بهذا الشكل المهين المريع. وأشير فى هذا الصدد إلى أن التوقف عند مسائل كهذه بالغ الأهمية لأن ما يُقال ولو بحسن نية يمعن فى ترسيخ مكانة المرأة باعتبارها مواضع لحم، وحتى إن لم تتبع الغالبية القواعد المذكورة فى تقييم البضاعة قبل التعاقد عليها، فإن ذلك يمعن فى ترسيخ المزيد من التدنى والاهتراء لمكانة الأنثى، وإحنا مش ناقصين، مع العلم أن التوقيف والعقاب ليسا الحل، فهذا الفكر متمكن، ويحتاج علاج جذور وليس حشوًا وتركيبًا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مواضع اللحم مواضع اللحم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon