بقلم - أمينة خيري
فى واقعة تحدُّث بطلنا وحبيبنا وأيقونتنا «مو صلاح» فى هاتفه المحمول أثناء القيادة فى بريطانيا ما يستحق البحث ويستوجب التفكير ويتطلب التدبر. أيقونتنا -الذى يحلم ملايين الشباب المصرى بأن يكونوا مثله حتى لو كانت أحلامهم فى مجالات أخرى غير كرة القدم- كان يسير بسيارته وهو يتحدث فى هاتفه المحمول، وهذا لو تعلمون «ممنوع» فى هذه البلاد. وفى هذه البلاد يبقى الممنوع ممنوعاً لا جدال فيه، حيث لا فلان بك يشفع، أو علان باشا يتدخل، أو «ماجراش حاجة يعنى» تخلّص، أو «ما هو كل الناس بتتكلم وهى سايقة» تُجدى، أو 5 جنيهات تحت الرخصة تبرئ، أو كون المخالف «مو صلاح» أو غيره من الأيقونات ينقذ.
إنقاذاً للموقف لم يتحدث صلاح راداً الهجوم بهجوم، أو يصدر نادى ليفربول تصريحاً نارياً عبر كابتن «شوبير» الإنجليزى داعياً إلى أن «المسامح كريم»، أو يبادر زملاء صلاح للظهور مع كابتن «مدحت شلبى» ليستجدوا عطف القانون مبررين الممنوع بأن «أصل فلانة كانت بتولد» أو أن «أمراً جللاً كان يحدث» ما استوجب المكالمة العاجلة.
ولأن خير البر عاجله، فقد أصدرت شرطة «ميرس سايد» بياناً جاء فيه أنها علمت بمقطع الفيديو الذى يُظهر اللاعب وهو يتحدث فى هاتفه المحمول أثناء القيادة، وأنه تم تحويل الأمر إلى الإدارة المختصة.
ولأن جهات الاختصاص معروفة ومحددة ولا مجال فيها للتحول أو التشتت أو التشقلب، فقد خرج المتحدث الرسمى لنادى «ليفربول» قائلاً إنه «بعد التحدث مع اللاعب، أخبرتنا الشرطة بأمر لقطة الفيديو والظروف المحيطة بها. وقد تحدثنا مع اللاعب، وسنتعامل فى هذا الشأن داخلياً». وذيّل المتحدث تصريحه مشيراً إلى أن النادى لم يصدر تصريحات أخرى فى هذا الشأن.
وفى هذا الشأن لم يصدر قرار بحظر النشر، كما لم ينطلق كل من هب ودب متجولاً على برامج التوك شو الليلية، ولا مانع من قليل من الصباحية، ليدلى بدلوه ويفتى بفتواه فى شأن الواقعة التى لم يسمع عنها إلا من مواقع التواصل الاجتماعى ومن بعدها الإعلام التقليدى. كما لم تسارع أسرة إعداد البرامج المولعة المشعللة إلى استضافة فريقين، أحدهما يرى أن حديث اللاعب فى هاتفه المحمول إنما هو أمر محمود وشأن مشروع، فى حين يرى الآخر أن الأمر جلل والعقاب يجب أن يكون على قدر الجرم، وذلك لينتهى البرنامج النهاية السعيدة المرجوة، فيولع أحد الفريقين فى الآخر.
وآخر ما يمكن تصوره هو أن يشفع فوز «ليفربول» فى هذا اليوم على «وست هام يونايتد» أربعة - صفر لصلاح، على أساس «إن مش معقول الراجل اللى فرّح 580 مليون مشجع لنادى ليفربول حول العالم يتعاقب على حاجة بسيطة»، أو «معلش عفا الله عما سلف»، أو «ربنا أمر بالستر» إلى آخر القائمة المعروفة.
ومعروف بحسب قوانين القيادة فى بريطانيا -وهى قوانين معمول بها بكل صرامة ودون استثناءات- أن التحدث فى الهاتف المحمول باليد أثناء القيادة ممنوع، حتى لو كانت الإشارة حمراء أو فى حال زحام الطريق، ما يعنى توقف السيارات عن السير. وبحسب القانون البريطانى، غير المعطل وغير المهمل، فإن عقوبة التحدث فى المحمول أثناء القيادة قد تصل إلى ست نقاط على رخصة قيادة القائد المخالف، بالإضافة إلى غرامة تصل إلى 200 جنيه استرلينى.
تذكرت كل هذا وأنا فى باص على طريق السويس، حيث وجدت أننا سبقنا العالم بمراحل. وليست مبالغة لو قلت إن الغالبية المطلقة من قائدى وقائدات المركبات بأنواعها (كارو، تروسيكل، دراجات نارية، سيارات ملاكى، أجرة، ميكروباصات، النقل بأنواعه) إما يدقون على هواتفهم المحمولة أثناء القيادة أو يتحدثون فيها، أو يشاهدون شيئاً ما على الشاشات، آه والله!
واستحضرت صور أيقونتنا التى تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعى والإعلام بأنواعه وهو يستخدم هاتفه المحمول وسير المسألة بين ناديه والشرطة والجمهور، وتخيلت لو جرت هذه الواقعة فى المحروسة. وقد أسفر خيالى عن الكثير، ولن أخوض فيه حقناً للأعصاب.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع