بقلم - عقل العقل
العلاقات الشخصية متى تطورت مع الآخر المختلف في الثقافة وليس الإنسانية، قد تختصر المسافات وتصحح الصورة النمطية عن مجتمعنا، في ظل الضعف والتخبط الواضح في إبراز صورتنا بالخارج من قبل الجهات الرسمية، التي فقط تركز على الجوانب السياسية، وتهمل الجوانب الاجتماعية والثقافية في مجتمعنا.
الأخ والصديق علي العايد شجع ابنه «عزيز» للانخراط في برنامج لتبادل الطلاب قبل سنوات في أميركا، بحيث ذهب هناك وأكمل دراسته الثانوية، ومن ثم التحق ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث. في السنوات الأولى له سكن مع عائلة أميركية هما المحامي والمحامية فوستر في ولاية أنديانا، ومن تلك التجربة اعتبرا «عزيز» أحد أبنائهما، بل إنهما هما من ساعده ونصحه في أي جامعة يكمل دراسته الجامعية، وهكذا تطورت العلاقة بين عائلة الطالب بالسعودية والعائلة الأميركية الذين يمكن تسميتهم بـ«عائلته» في أميركا، فقد ذهبت عائلة «عزيز» لزيارته هناك وتم اللقاء المتكرر بينهما، بل إنهم لم يتوانوا عن مساعدة «أم عزيز» عندما ذهبت في رحلة علاجية هناك.
الشهر الماضي وصل المحامي المختص بالجرائم فوستر وزوجته المحامية الفيديرالية في زيارة للرياض بدعوة من عائلة «عزيز» السعودية، وأمضيا بالرياض أكثر من أسبوعين، زارا فيها معالم الرياض ابتداءً من الدرعية، كما قضيا نصف يوم في منطقة البجيري المطورة، وزارا المتحف الوطني وبعض المناطق السياحية خارج مدينة الرياض، والتقيا بالعديد من أصدقاء العائلة السعودية مستضيفتهما بالرياض، وكان الحدث الأهم في زيارتهما هو حضورهما عقد قران «عزيز»، وحضور المحامية الأميركية «المِلْكة» مع النساء من أهل العريسين.
واطلعت على مقالة عن زيارتهما في صحيفة «إنديانا للمحامين» بعد عودتهما من زيارة السعودية، وذكرا أن أصدقاءهما تساءلوا عن الدافع لزيارة بلد لا يعرفان عنها الكثير، وتساؤلات حولها بعد أحداث 11 سبتمبر، وكانت الإجابة أن الدوافع كثيرة، منها الشخصي وما يربطهما بالعائلة السعودية، وحب روح المغامرة والاستكشاف، وقد دهشا من التطور والانفتاح الذي تعيشه المملكة، وخصوصاً في تمكين المرأة، ولو أن الطريق طويل، ولكنه يشبه وضع المرأة في دراسة الحقوق وممارستها في حقبة السبعينات الميلادية، بحيث ذكر المحامي الأميركي أنه عندما كان في دراسته الجامعية للحقوق في تلك الفترة كان يوجد أربع محاميات فقط في دفعته، كما أشارت المقالة إلى الخطوات السعودية الأخيرة بالسماح للمحاميات السعوديات بفتح مكاتب قانونية لهن.
كم هي جميلة مثل هذه الجهود الشخصية التي لا نهتم بها للأسف ولا نسعى للمحافظة عليها، في بناء صورة ذهنية عن مجتمعنا بعيداً عن الاختلافات السياسية والدينية بين الشعوب، لاسيما مع الآلاف من الطلاب الذين يمرون بتجربة السكن مع العائلات في المجتمعات التي درسوا أو يدرسون فيها.
الوطن في حاجة إلى أي جهد مهما اعتقد البعض أنه بسيط في تقديم الصورة الحقيقية لمجتمعنا، فليس من رأى كمن سمع.
نقلا عن الحياه اللندنيه