بقلم : عقل العقل
تذكرت الصحافي منتظر الزيدي، الذي ضرب الرئيس الأميركي جورج بوش بالحذاء في مؤتمر صحافي في بغداد العام 2008، وكيف أصبح رمزاً عند البعض وعند القنوات التلفزيونية، وأنا أشاهد مشهداً أكثر دراماتيكية من ذلك المشهد، وهو ضرب بعض المواطنين الفلسطينيين سفير قطر محمد العمادي في غزة الأسبوع الماضي وطرحه أرضاً وتمزيق علم بلاده، وإزالة ذلك العلم من أسطح بعض المباني في قطاع غزة المحاصر منذ سنوات.
ما يشهده «القطاع» من تجويع، جعله عرضة للابتزاز من بعض الأنظمة مثل النظام القطري، لتلميع صورته في الخارج، وإرسال رسائل مضمونها أنه يقف مع الشعب الفلسطيني بدوافع قومية ودينية وإنسانية، ولكن الحقيقة أنه على رغم العذاب والمآسي التي يعيشها أبناء الشعب الفلسطيني في مرحلة حساسة من تاريخه، تأتي الدوحة بأموالها، ليس حباً في الشعب الفلسطيني، وإنما لتمزيق وحدته الوطنية، وتأليب طرف على آخر في النسيج الوطني الفلسطيني، كما تفعل مع «حماس» للوقوف ضد الحركة الوطنية الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس، والكل يعرف ما تقوم به دول مثل المملكة ومصر والإمارات للتقريب بين الفصائل الفلسطينية، والدفع بتشكيل حكومة وحدة فلسطينية في الفترة القريبة الماضية، وهذا الجهد العربي الصادق والواقعي يغيظ حكام قطر للأسف.
من حيث الواقعة، وهي القذف بالأحذية، فأنا شخصياً ضد هذا السلوك تجاه أي سياسي، ولكن الحشود الجماهيرية لها لغتها التي تعبّر بها عن رفض سياسة دولة ذلك السياسي الذي تعرّض لهذه المهانة، ولو كان في حكومة قطر أناس أكثر حكمة لفهموا الرسالة الشعبية المباشرة، التي جرت فصولها في منطقة يفترض أن من يسيطر عليها هم فصيل سياسي يتبع ويتوافق معهم بالآيديولوجيا والأهداف، ورسالة الاعتذار والتأكيد على عمق العلاقة أو التبعية بين الدوحة و«حماس» لن تغيّر الصورة والشعور الحقيقي لرجل الشارع الفلسطيني ضد سياسات الكذب والخداع التي تنتهجها قطر في سياساتها الخارجية وتعاطيها مع القضية الفلسطينية، قد تدغدغ مشاعر الجماهير العربية بالادعاء بأنك المدافع الأول عن قضيتهم، ولكن الواقع يتجسد عكس ذلك.
فهذا السفير القطري الذي تعرض للطرد يردد مثلاً ألا مواجهة عسكرية بين «حماس» وإسرائيل في هذه المرحلة، يعلل ذلك بسبب قربهم من الطرفين، فهذا التصريح يبين الخلل والضحك على البسطاء في الشارع العربي، والذين يعشقون الشعارات البراقة، ولكن مثل هذه التناقضات في السياسة القطرية لا يلتفتون إليها، فإذا كانت قطر حليفة تاريخية لجماعات الإخوان ومنها «حماس»، فكيف تكون قريبة لإسرائيل في الوقت نفسه، وتكون هناك مكاتب متبادلة سواء تجارية أم ديبلوماسية بين الدوحة وتل أبيب، وعودة للسفير القطري الذي أكد أنه زار إسرائيل أكثر من 20 مرة بعضها كان في السر، وهذا ما قاله في مقابلة له في القدس مع وكالة أنباء عالمية بعد اجتماعه مع وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي، مؤكداً أنه وبلاده يتحركون بمباركة أميركية إسرائيلية لمنع مواجهة فلسطينية - إسرائيلية.
فمتى نفيق من هذه الازدواجية في سياسة قطر، وتوظيفها أموالها في العبث بقضايانا القومية وعلى هرمها القضية الفلسطينية؟
نقلا عن الحياه اللندنيه