توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إنما للقوة حدود

  مصر اليوم -

إنما للقوة حدود

بقلم : أسعد تلحمي

 ببراءة خادعة، أو ربما تنم عن عقلية المحتل، سألت مقدمة برنامج أخباري في الإذاعة الرسمية الإسرائيلية ضابطاً كبيراً سابقاً في الجيش عن «سر» تعرض جنود «يقومون بعملهم» في «يهودا والسامرة» (الضفة الغربية المحتلة) لـ «عمليات إرهابية»، وذلك في أعقاب مقتل ضابط وجندي إسرائيليين في عملية دهس غرب مدينة جنين المحتلة. ببراءة؟ كأن الضفة الغربية جزء من تل أبيب والجنود هناك لحفظ الأمن والنظام العام.

من جهة أخرى، اتهم ضابط كبير آخر السلطة الفلسطينية وحركة «حماس» بأنهما «تحرضان» الشارع الفلسطيني على التصعيد مع اقتراب الذكرى السنوية لـ «يوم الأرض» والاحتفال الإسرائيلي الكبير المخطط له في أيار (مايو) المقبل بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، مستهجناً التحرك الفلسطيني على «قرار أميركي سيُنفّذ في القدس الغربية!».

تستهجن إسرائيل أي احتجاج للفلسطينيين على احتلالها أراضيهم منذ نصف قرن، وهي التي لم تعد تتحدث عن احتلال بقدر ما يتصارع أقطابها في ما بينهم على ضم الأراضي المحتلة إلى سيادتها مع حرمان الفلسطينيين حق التصويت، أو في أسوأ الأحوال، بالنسبة إليهم، ضم الأراضي المحتلة المقامة عليها التكتلات الاستيطانية الكبرى التي ابتلعها الجدار العنصري الفاصل.

منذ أكثر من عشر سنوات، لم يعد الاحتلال على أجندة الشارع الإسرائيلي، خصوصاً مع انحسار ما كان يعرف بـ «معسكر السلام». بات التعامل مع الأراضي المحتلة حقيقة ناجزة ليست موضع جدال، وبقي الهمّ الأساسي في تطوير المستوطنات هناك التي يرتع فيها أكثر من مليون يهودي، وحمايتهم من الفلسطينيين.

كذلك الأمر بالنسبة إلى قطاع غزة، الأكثر كثافة سكانية في العالم (340 كيلومتراً مربعاً مع أكثر من مليونيْ إنسان). مليونا إنسان محاصَرون منذ أكثر من عشر سنوات، يعيشون أزمة إنسانية: مياه الشرب (والآبار) لم تعد صالحة، التيار الكهربائي يتوافر لساعات قليلة، نقص في الأدوية وخناق مطبق. حتى المساعدات التي تقدمها «الأونروا» مهددة بالتوقف في أعقاب قرار الرئيس دونالد ترامب وقف دعم المنظمة الأممية.

أرض محتلة وأخرى محاصَرة، ونحو أربعة ملايين فلسطيني تتحكم إسرائيل بحركتهم ومصيرهم. حتى المصالحة الفلسطينية الداخلية المتعثرة رهن بموافقة إسرائيل عليها. وفوق كل هذا تطالبهم بأن يكونوا «أولاداً شاطرين ومهذبين»، لا يحتجون، لا بالسلاح ولا بالحجارة ولا حتى بالكلام. عليهم أن يقبلوا إملاءاتها بخضوع وخنوع. عليهم الصمت لقرار الرئيس ترامب نقل السفارة إلى القدس، إن لم يرغبوا في التصفيق. أما إذا فعلوا غير ذلك فإنهم إرهابيون، تجرهم القيادة إلى التصعيد والمواجهات.

يكتب البروفيسور الإسرائيلي في الفلسفة يعقوب راز عن لغة القوة: «القوة مفسِدة ومُهلكة لكنها بنظر مستخدميها ضرورية. حيث القوة، لا مجال لأن ترى الآخر وهموم الآخر. لا وقت لديك للاستماع إلى الآخر. لا وقت لترى غيرك. وللقوي دائماً مبررات لاستخدام قوته. على الضعيف أن يستبطن ذلك، وإن فعل، ربما يلتفت إليه القوي». ويضيف أن «استخدام القوة» هو الوجه الآخر للخوف، للشعور بالتهديد، وعليه فإنه حيال ذلك تنتج «حالة» و «وجهات نظر» وتُبتكر مصطلحات تبني بطريقة خادعة ومثيرة الأسوار الواقية وأسوار الانغلاق «في مواجهة أي ادعاء ليس لنا... هكذا، من طريق الاعتقاد بأننا نحن فقط المحقّون، يجنّد الاستقواء القوة. وبفعل الجبروت وقوة الأسطورة، نندفع نحو الآخر، نحو قلبه، نحو أولاده، نحو أحلامه وندمرها... الحروب تقع نتيجة رفض الاعتراف بالقصص الكثيرة في عالمنا».

هذه هي حال إسرائيل في تعاملها مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. تعرف إسرائيل أن الوقت الآن لمصلحتها. تسارع لفرض المزيد من الحقائق على الأرض.

قد يرى سدنة الدولة العبرية في أقوال البروفيسور راز وأمثاله، بينهم أيضاً ضباط كبار سابقون، مجرد نبوءات غضب، لكنها ليست كذلك. تعرف إسرائيل انه عندما تزيد النار تحت «وعاء ضغط» فإنها ترفع من سخونة مياهه وتحرك غطاؤه»، لكن لن يكون في وسع جنودها إعادة غطاء الوعاء في كل مرة تحاول المياه التدفق خارجه، وقد ينفجر الوعاء، وعندها ستطاول مياهه الساخنة والنيران تحتها أهداب إسرائيل أيضاً التي قد ترد نيران أشد سخونة، لكن في السطر الأخير ستتيقن أن للقوة حدوداً...

نقلاً عن الحياة اللندنية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنما للقوة حدود إنما للقوة حدود



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon