توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الديموقراطية... وسيلة أم غاية ؟

  مصر اليوم -

الديموقراطية وسيلة أم غاية

بقلم - عزمي عاشور

كان وصول ترامب إلى قمة السلطة في أميركا مفاجأة للجميع لكونه جاء من خارج سياق النخبة والمؤسسات السياسية، إلا أن دروس الاستفادة من هذه التجربة هنا كثيرة من بينها أن الديموقراطية، بشكلها الحالي في أميركا أو في بريطانيا أو في غيرها من الدول الغربية ما هي إلا وسيلة من بين وسائل أخرى تحقق غاية استقرار ورخاء هذه المجتمعات. ومن ثم يصبح النضال من أجل الديموقراطية في حد ذاتها بمثابة فهم خاطئ من كونها وسيلة للتحول إلى غاية حتى لو جاءت على حساب الاستقرار والرخاء المجتمعي.

فالمناظرات التي سبقت الانتخابات الأميركية منذ سنتين وانتخابات الكونغرس الحالية تظهر أن هناك سقفاً للمرشحين، فهم جاءوا ببرامج تعمل في إطار مؤسسات ودستور وقوانين الدولة الأميركية، وبالتالي فمن منهم يستطيع أن يخلق المعادلة بات يحقق الرفاهية والاستقرار للمجتمع من دون الخروج من هذا النطاق المؤسسي، فيصبح من المحرمات التسبب في ضرر لهذه المؤسسات كعملية التهرب من الضرائب عند ترامب أو إساءة استخدام السلطة عند هيلاري كلينتون. فتندهش أن مناظرات كلينتون وترامب السابقة على الانتخابات دارت في معظمها حول السياسة الداخلية وكيفية تخليق فرص عمل ورفع عجلة النمو وتقديم الرعاية الاجتماعية مثل قانون الرعاية الصحية وغيرها.

والسياسة الخارجية لم تخرج عن هذا الإطار سواء في الشرق الأوسط أو في غيرها من مناطق النزاعات حيث أميركا موجودة كقوة اقتصادية وعسكرية. وكانت المفارقة أن المرشحين اقتتلا؛ لدرجة التجريح الشخصي والضرب من تحت الحزام. ولم نشهد؛ رغم ذلك أي اهانة لأي مؤسسة صغرت أو كبرت على المستوى المحلي والفيدرالي كالمؤسسة العسكرية أو حتى المحكمة الدستورية ولا للدستور؛ بل قد تتحول سقطة من هنا أو هناك كتعليق ترامب على ظهور والد الضابط المسلم الذي قتل في العراق إلى طعنة للمرشح نفسه. وعندما حاول بسوء فهم أن يخلق تمييزاً بين الأميركيين بسبب الديانة أو الهجرة كانت بمثابة القشة التي قد تقسم ظهره لكونها ضد المبدأ الذي قامت عليه الدولة الأميركية لجهة التنوع في بوتقة الوطن الواحد.

ورغم ذلك؛ قد نجد تنافس حزبين اثنين يتداولان السلطة على مدار عمر ديموقراطية الولايات المتحدة الأميركية؛ أمراً يثير علامة الاستفهام حول معنى الديموقراطية بالفهم المجرد لها في عقولنا نحن. كما أن ظاهرة تداول حكم العائلات بدأت تأخذ مجراها في الحياة الأميركية مع آل بوش وكادت تنجح مع آل كلينتون، وربما تشهد السنوات القادمة دخول ميشيل أوباما على الخط نفسه. ذلك يطرح أيضاً علامات استفهام حول المناخ الذي تعمل في ظله الديموقراطية الأميركية. كما أن دور المال أصبح مريباً؛ وهو ما استفز ترامب نفسه بعدما لاحظ المبالغ الطائلة التي أُنفقت على حملة هيلاري كلينتون. ورغم ذلك فإن الممارسة تؤكد أن الديموقراطية هي أفضل الوسائل التي يمكن من خلالها الحفاظ على استقرار وازدهار كيان الدولة. ولكن المشكة عندنا نحن العرب تكمن في أننا نريد تطبيق الديموقراطية بشكلها المثالي المجرد، مع أنها أمر مستحدث مقارنة بالدولة كمفهوم عُرف منذ آلاف السنين. وبالتالي، فإن فكرة الدخول في حرب مع الدولة ككيان جغرافي باسم الديموقراطية تعتبر خطأ كبيراً.

ويمكن القياس على تجربة «الإخوان» في مصر وكيف نظروا إلى الديموقراطية باعتبارها وسيلتهم لبلوغ الحكم. وهذا الأمر تعدى «الإخوان» ليصبح صداعاً في رأس مَن يدعون أنهم يطالبون بالديموقراطية، فمن أجلها يريدون هدم المعبد على مَن فيه، ويدخلون في تحد مضاد مع مؤسسات كالمؤسسة العسكرية مثلاً، التى لم يجرؤ أي مرشح أميركي أن ينالها بسوء في بلده. طبيعي أن تكون مجتمعات هذه المنطقة حقل تجارب وتكون المحصلة فهماً قاصراً للديموقراطية. فالديمقراطية لا تكون في صحراء جرداء ولكن بين بشر يرضخون للقوانين من دون تمييز. هي كوسيلة قد تأتي بمَن يحافظ على الدولة. وهي في عقول مَن يفهمونها كغاية، تفتح الطريق لضياع الأوطان كجغرافيا وبشر.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الديموقراطية وسيلة أم غاية الديموقراطية وسيلة أم غاية



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon