توقيت القاهرة المحلي 11:11:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الديموقراطية... وسيلة أم غاية ؟

  مصر اليوم -

الديموقراطية وسيلة أم غاية

بقلم - عزمي عاشور

كان وصول ترامب إلى قمة السلطة في أميركا مفاجأة للجميع لكونه جاء من خارج سياق النخبة والمؤسسات السياسية، إلا أن دروس الاستفادة من هذه التجربة هنا كثيرة من بينها أن الديموقراطية، بشكلها الحالي في أميركا أو في بريطانيا أو في غيرها من الدول الغربية ما هي إلا وسيلة من بين وسائل أخرى تحقق غاية استقرار ورخاء هذه المجتمعات. ومن ثم يصبح النضال من أجل الديموقراطية في حد ذاتها بمثابة فهم خاطئ من كونها وسيلة للتحول إلى غاية حتى لو جاءت على حساب الاستقرار والرخاء المجتمعي.

فالمناظرات التي سبقت الانتخابات الأميركية منذ سنتين وانتخابات الكونغرس الحالية تظهر أن هناك سقفاً للمرشحين، فهم جاءوا ببرامج تعمل في إطار مؤسسات ودستور وقوانين الدولة الأميركية، وبالتالي فمن منهم يستطيع أن يخلق المعادلة بات يحقق الرفاهية والاستقرار للمجتمع من دون الخروج من هذا النطاق المؤسسي، فيصبح من المحرمات التسبب في ضرر لهذه المؤسسات كعملية التهرب من الضرائب عند ترامب أو إساءة استخدام السلطة عند هيلاري كلينتون. فتندهش أن مناظرات كلينتون وترامب السابقة على الانتخابات دارت في معظمها حول السياسة الداخلية وكيفية تخليق فرص عمل ورفع عجلة النمو وتقديم الرعاية الاجتماعية مثل قانون الرعاية الصحية وغيرها.

والسياسة الخارجية لم تخرج عن هذا الإطار سواء في الشرق الأوسط أو في غيرها من مناطق النزاعات حيث أميركا موجودة كقوة اقتصادية وعسكرية. وكانت المفارقة أن المرشحين اقتتلا؛ لدرجة التجريح الشخصي والضرب من تحت الحزام. ولم نشهد؛ رغم ذلك أي اهانة لأي مؤسسة صغرت أو كبرت على المستوى المحلي والفيدرالي كالمؤسسة العسكرية أو حتى المحكمة الدستورية ولا للدستور؛ بل قد تتحول سقطة من هنا أو هناك كتعليق ترامب على ظهور والد الضابط المسلم الذي قتل في العراق إلى طعنة للمرشح نفسه. وعندما حاول بسوء فهم أن يخلق تمييزاً بين الأميركيين بسبب الديانة أو الهجرة كانت بمثابة القشة التي قد تقسم ظهره لكونها ضد المبدأ الذي قامت عليه الدولة الأميركية لجهة التنوع في بوتقة الوطن الواحد.

ورغم ذلك؛ قد نجد تنافس حزبين اثنين يتداولان السلطة على مدار عمر ديموقراطية الولايات المتحدة الأميركية؛ أمراً يثير علامة الاستفهام حول معنى الديموقراطية بالفهم المجرد لها في عقولنا نحن. كما أن ظاهرة تداول حكم العائلات بدأت تأخذ مجراها في الحياة الأميركية مع آل بوش وكادت تنجح مع آل كلينتون، وربما تشهد السنوات القادمة دخول ميشيل أوباما على الخط نفسه. ذلك يطرح أيضاً علامات استفهام حول المناخ الذي تعمل في ظله الديموقراطية الأميركية. كما أن دور المال أصبح مريباً؛ وهو ما استفز ترامب نفسه بعدما لاحظ المبالغ الطائلة التي أُنفقت على حملة هيلاري كلينتون. ورغم ذلك فإن الممارسة تؤكد أن الديموقراطية هي أفضل الوسائل التي يمكن من خلالها الحفاظ على استقرار وازدهار كيان الدولة. ولكن المشكة عندنا نحن العرب تكمن في أننا نريد تطبيق الديموقراطية بشكلها المثالي المجرد، مع أنها أمر مستحدث مقارنة بالدولة كمفهوم عُرف منذ آلاف السنين. وبالتالي، فإن فكرة الدخول في حرب مع الدولة ككيان جغرافي باسم الديموقراطية تعتبر خطأ كبيراً.

ويمكن القياس على تجربة «الإخوان» في مصر وكيف نظروا إلى الديموقراطية باعتبارها وسيلتهم لبلوغ الحكم. وهذا الأمر تعدى «الإخوان» ليصبح صداعاً في رأس مَن يدعون أنهم يطالبون بالديموقراطية، فمن أجلها يريدون هدم المعبد على مَن فيه، ويدخلون في تحد مضاد مع مؤسسات كالمؤسسة العسكرية مثلاً، التى لم يجرؤ أي مرشح أميركي أن ينالها بسوء في بلده. طبيعي أن تكون مجتمعات هذه المنطقة حقل تجارب وتكون المحصلة فهماً قاصراً للديموقراطية. فالديمقراطية لا تكون في صحراء جرداء ولكن بين بشر يرضخون للقوانين من دون تمييز. هي كوسيلة قد تأتي بمَن يحافظ على الدولة. وهي في عقول مَن يفهمونها كغاية، تفتح الطريق لضياع الأوطان كجغرافيا وبشر.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الديموقراطية وسيلة أم غاية الديموقراطية وسيلة أم غاية



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon