بقلم - رندة تقي الدين
إعلان وزير الطاقة السعودي خالد الفالح عن وضع العاهل السعودي الملك سلمان غدا حجر الاساس لمشروع «وعد الشمال» (مدينة تعدينية متكاملة والذي يتضمن مشروع سكاكا للطاقة الشمسية وهو الاكبر عالميا) يمثل توجهاً اساسياً في اكبر دولة نفطية في اوبك ومن بين الاوائل في العالم من حيث الانتاج النفطي لتطوير الطاقة الشمسية على هذا النطاق .
في الماضي كلما توقع احد ان السعودية ستطور الطاقة الشمسية كانت ردة فعل خبراء الطاقة ان السعودية ليست بحاجة الى الطاقة الشمسية بما انها تملك احتياطياً ضخماً من النفط. وكلفة استخراج برميل النفط في السعودية اقل بكثير من كلفة تطوير الطاقة الشمسية التي تحتاج الى استثمارات باهظة وما زالت مرتفعة الكلفة. لكن في السنوات الاخيرة تم تخفيض كلفة الاستثمار بالطاقة الشمسية بشكل كبير خصوصا مع تطوير الصين تقنية استقطاب الطاقة الشمسية بكلفات مخفضة وقد صدرتها لدول عدة في العالم. والولايات المتحدة طورت ايضا هذه التقنية رغم انها بكلفة اعلى من التقنيات الصينية، ولكنها حسب خبراء الطاقة الشمسية بنوعية افضل. وكانت ابو ظبي رائدة في تطوير هذه الطاقة الشمسية في اطار مشروع مصدر للطاقات البديلة التي تملكه «مبادلة للاستثمار».
فاطلاق السعودية مشروع عملاق «الاكبر في العالم» للطاقة الشمسية تطور مهم من حيث انتاج المزيد من الطاقة المتجددة لتوفير النفط ثم تصديره واستخدام الطاقة الشمسية للصناعات المحلية ولاستخدامها في انتاج الكهرباء الذي يستهلك الكثير من انتاج النفط محليا. فالسعودية تحاول ايضا التنقيب عن الغاز في الاماكن صعبة الاستخراج للغرض نفسه. ولكن الطاقة الشمسية تبدو الاسهل كون الشمس موجودة بكثافة في المملكة خصوصا ان كلفة الاستثمار في هذه الطاقة هي باتجاه الانخفاض.
ان دولاً مثل الاردن والمغرب ومصر اطلقت مشاريع تغذية كهربائية على الطاقة الشمسية التي هي طاقة نظيفة ومناسبة لمن يريد حماية البيئة . ودول اقل شمسا مثل المانيا قد اطلقت مشاريع تعتمد على الشمس والهواء في سبيل الحفاظ على البيئة. ان هذه الطاقة النظيفة على عكس ما يقال في الاوساط النفطية ستكون طاقة المستقبل . فراينا مثلا طائرة solar impulse السويسرية التي قامت بجولة حول في ٢٠١٥ من ابو ظبي الى هاواي في الولايات المتحدة في جولة اختبارية للطاقة الشمسية النظيفة. ثم solar impulse في ٢٠١٦ وعلى متنها الطياران السويسريان برتران بيكار واندري بورشبيرغ جالوا بها حول العالم دون بنزين للطائرات بل على الطاقة الشمسية.
اذا المستقبل واعد للطاقة الشمسية النظيفة واطلاق المملكة مثل هذا المشروع يعني انها مهتمة بالطاقة المستجدة بشكل كبير. وهذا لا يعني قطعيا ان السعودية تبتعد عن انتاج النفط. او انها تعد لمرحلة ما بعد النفط .فالنفط يبقى مورداً اساسياً وثمين للمملكة على كل الاصعدة الاقتصادية والتنموية والموقع السياسي .ولكن الطاقة الشمسية قد تمثل تكاملاً مهماً لقطاع الطاقة في بلد مستهلك كبير لانه في طور تطوير صناعات عديدة. فمثلا «توتال» و«ارامكو» اطلقتا الدراسة الهندسية لمشروع بتروكيماوي عملاق يقام قرب المصفاة المشتركة بين ارامكو (وتوتال ساتورب) في الجبيل وهومشروع يبدأ في ٢٠٢٤ وكلفة الاستثمار فيه ٥ بليون دولار.
هذه المشاريع العملاقة التي تطلقها السعودية لتصبح دولة صناعية كبرى في مجال البتروكيماويات تحتاج الى المزيد من استهلاك الطاقة محليا. فتطوير الطاقة الشمسية على نطاق واسع هوخبر جيد في استراتيجية الطاقة للسعودية. والذين لم يصدقوا ان السعودية ستتجه الى تطوير الطاقة الشمسية على نطاق واسع اخطأوا التقدير. فالمشروع الذي يضع له العاهل السعودي الملك سلمان غدا الخميس حجر الاساس سيكرس الاهمية التي توليها السعودية لهذه الطاقة النظيفة التي انعمت عليها الطبيعة بكثافة الى الابد.
نقلا عن الحياة اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع