بقلم : رندة تقي الدين
هل يسعى دونالد ترامب مع صديقه بنيامين نتانياهو إلى حل القضية الفلسطينية بتصفية الشعب الفلسطيني؟ نقله السفارة الأميركية إلى القدس بحضور ابنته وصهره يمثل خطوة هجومية على الشعب الفلسطيني الذي يحيا ويعيش نكبة أدت إلى مجزرة ٦١ فلسطينياً غزاوياً وسقوط أكثر من ٢٢٠٠ جريح على يد نتانياهو.
واقع الحال أن فكرة الدولة الفلسطينية لم تكن يوماً قابلة للعيش منذ مقتل رئيس الحكومة الإسرائيلي الاسبق اسحق رابين. وحكومة نتانياهو ووزير دفاعه افيغدور ليبرمان يسيران باتجاه محاولة إنهاء قضية الدولة الفلسطينية بقتل الشعب الفلسطيني. فتجد من يدعمها في ذلك وهو رئيس القوة الكبرى في العالم يستفيد من غياب عربي عما تقوم به من جرائم وانتهاكات للشعب الفلسطيني. وهذا التصرف الاجرامي من شأنه ان يشجع النظام الايراني الذي يعزم ترامب على معاقبته الى الاستفادة من هذه الفرصة لتعزيز دعمه لحماس بوجه الاجرام الاسرائيلي.
ونتانياهو توأم للنظام الاسدي في سورية الذي حماه ويحميه منذ زمن بعيد. فهو يقوم بتصفية الشعب الفلسطيني مثلما يصفي الاسد شعبه والمعارضة. سياسة ترامب العالمية تبدو كأنها البحث عن حرب عالمية مع الجميع حيث انخرط في حرب اقتصادية مع الصين وأيضاً مع أوروبا وها هو يسلم نتانياهو مفتاح حل القضية الفلسطينية بتصفية أبناء الشعب الفلسطيني.
وماذا بعد؟ عندما اجتاحت إسرائيل لبنان في ٢٠٠٦ جعلت من «حزب الله» وأمينه العام حسن نصر الله زعيماً في العالم العربي لأنه انتصر عليها. فكانت أن وضعت لبنان تحت نفوذ حزب فرض نفسه بسلاحه على البلد بحجة المقاومة. ها هي إسرائيل اليوم تعطي فرصة جديدة لحزب الله ولإيران ليظهرا على أنهما المدافعان الوحيدان عن الشعب الفلسطيني المتروك. استفادة إيران مما يحدث في الأراضي الفلسطينية ستكون الرد على ضغط ترامب لإعادة العقوبات عليها. فمنذ فترة طويلة وإيران تساعد وتدعم «حماس» والآن مع ما تقوم به القوات الإسرائيلية ضد الشعب الغزاوي هناك مبرر آخر للمزيد من الدعم الإيراني لحماس. وهذه كارثة للمنطقة.
فترامب فتح جبهات عدة كأنه يريد إشعال العالم. وعلى رغم ذلك يدّعي أن لديه حلاً للقضية الفلسطينية. فأي حل هذا سوى تصفيتها؟ لا يمكن رئيساً أميركياً يقول للعالم أن القدس عاصمة إسرائيل، أن يطلق مفاوضات لأي حل. فهو استبقها بالقول للعالم إن القدس هي عاصمة إسرائيل. والعالم العربي ساكت عن ذلك علماً أن القدس للديانات الثلاث المسلمة والمسيحية واليهودية.
فنتانياهو في عهد ترامب يشعر بأن لا شيء ممنوعاً عنه لا المجازر ولا الانتهاكات ولا التطهير العرقي الذي عانى منه الشعب اليهودي في الحرب العالمية الثانية. لقد دخل العالم العربي مرحلة بالغة الخطورة بسبب سياسة أميركية متهورة ورئيس خطير بتوجهاته وقراراته. أوباما أساء كثيراً للوضع السوري، إذ إنه رفض التدخل في ٢٠١٣ في سورية لضرب قواعد الأسد العسكرية ونتيجة ذلك دخلت القوات الروسية في ٢٠١٥ وتوسعت إيران. وأساء التقدير في التوصل إلى مثل هذا الاتفاق النووي مع إيران الناقص والسيئ الذي أراده بقوة كما ترك العراق للنفوذ الإيراني. أما اسلوب ترامب التهجمي فيفاقم الازمات وخطورة الاوضاع في منطقة مشتعلة بحروب عدة في سورية الى اليمن والآن فلسطين مع قرار ترامب نقل سفارته إلى القدس.
وانفجار الوضع الفلسطيني ليس مفاجأة . فالاحتلال والظروف المزرية والفقر والبطالة التي تسود في كل الأراضي الفلسطينية هي قنبلة موقوتة من شعب لم يعد يتحملها. وقضية نقل السفارة الأميركية الى القدس تزيد الطين بلّة وتدفع الشباب الفلسطيني إلى الثورة حتى ولو أنهم يدفعون دمهم ثمناً. أصبحوا يفضلون الموت على العيش في مثل هذه الظروف. فسياسة ترامب نكبة لهذا الشعب.
نقلا عن الحياة اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع