توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دلالة بولتون مستشاراً للأمن القومي

  مصر اليوم -

دلالة بولتون مستشاراً للأمن القومي

بقلم : حسن نافعة

 في تغريدة «تويترية» مثيرة، أعلن دونالد ترامب إقالة هربرت مكماستر، مستشار الأمن القومي، وتعيين جون بولتون بدلاً منه. ولأن المستشار الجديد للأمن القومي الأميركي، والذي يفترض أن يتسلم مهام منصبه رسمياً اعتباراً من 9 نيسان (أبريل) المقبل، كان ولا يزال شخصية مثيرة للجدل، يتوقع أن يشكل تعيينه، في مثل هذا الموقع الخطير، منعطفاً جديداً في سياسة خارجية أميركية، يعتقد على نطاق واسع أن بوصلتها تتجه من الآن فصاعداً نحو مزيد من التشدد في معالجة الملفات الساخنة، خصوصاً ملف البرنامج النووي لكل من إيران وكوريا الشمالية وملف الصراع العربي الإسرائيلي، بل وليس من المستبعد أن تصبح هذه السياسة أكثر ميلاً لاعتماد الوسائل العسكرية وأدوات القوة الخشنة بديلاً للوسائل الديبلوماسية ولأدوات القوة الناعمة.

ينتمي جون بولتون إلى اليمين المتطرف وله تاريخ حافل بالمشاركة في الحياة السياسية والفكرية للولايات المتحدة الأميركية. فقد سبق لبولتون أن تولى مناصب رسمية رفيعة في إدارات أميركية مختلفة، خصوصاً في وزارتي الخارجية والعدل، وكان عضواً نشطاً في الكثير من مؤسسات المجتمع المدني، خصوصاً ذات الطابع الفكري والسياسي، حيث عمل باحثاً في عدد من مراكز التفكير ذات التوجه اليميني كما عمل معلقاً سياسياً في محطة «فوكس نيوز» التلفزيونية، واشتهر بمواقفه السياسية والفكرية المتطرفة، وتورط في أنشطة سرية وتآمرية كثيرة، سرعان ما تحوّلت إلى فضائح مدوية عقب كشف النقاب عنها، بدءاً بصفقة الأسلحة السرية المعروفة باسم «إيران– كونترا» والتي انفجرت إبان الحرب العراقية الإيرانية في بداية ثمانينات القرن الماضي، وانتهاءً بفضيحة «شركة كمبردج أناليتيكا» المتهمة بالاستخدام غير الأخلاقي للمعلومات الخاصة ببعض شبكات التواصل الاجتماعي، وهي الفضيحة التي تم كشف النقاب عنها منذ أيام قليلة ولا تزال أصداؤها تدوي حتى الآن. لعب بولتون دوراً رئيساً لإقناع إدارتي بوش الأب والابن على تبني مواقف متشددة إزاء العراق، وكان في مقدم المطالبين باستخدام القوة العسكرية لإسقاط وإزاحة نظام صدام حسين، والمروجين لأكاذيب ادعت استمرار صدام في محاولاته الرامية للحصول على أسلحة دمار شامل، حتى بعد انسحابه من الكويت وخضوع كل شبر في بلاده لتفتيش متواصل من جانب الوكالات الدولية المتخصصة (قصة «عجينة اليوروانيوم» التي قيل أن صدام حاول شراءها من النيجر)، وكان ولا يزال أيضاً في مقدم الرافضين لتسوية القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين ومن أشد الداعمين لسياسة اليمين الإسرائيلي المتطرف بقيادة نتانياهو، ومن أشد المعارضين للنظام الحاكم في كل من إيران وكوريا الشمالية والداعين لتغييرهما بكل الوسائل المتاحة، بما في ذلك القوة العسكرية.

ومن المعروف أن جون بولتون يشعر بازدراء وكراهية شديدين تجاه الأمم المتحدة ويرى أن هذه المنظمة لا تقوم بأي دور مفيد في المجتمع الدولي، واشتهر بعبارة ذاع صيتها كثيراً في ما بعد يؤكد فيها أن «هدم عشرة طوابق من مبنى الأمم المتحدة لن يؤثر كثيراً على حالة النظام الدولي الذي قد يصبح من دونها أفضل».

كان بولتون قد توارى نسبياً عن الساحة السياسية وعن مراكز التأثير الفكري والسياسي، خصوصاً طوال فترتي إدارة أوباما، لكن ما إن فاز ترامب في انتخابات 2016 حتى عاد بهمة إلى بؤرة الأضواء، بل وتم ترشيحه وزيراً للخارجية في بداية عهد الإدارة الحالية، وهو ما أشارت إليه في حينه تقارير صحافية كثيرة، ومع ذلك اختلفت الآراء حول الأسباب التي دعت لاستبعاده في ذلك الوقت. فمن قائل إن هذا الاستبعاد تم لأسباب موضوعية تتعلق برغبة الإدارة الأميركية الجديدة في تهدئة مخاوف قوى داخلية وخارجية، كانت تخشى من العواقب المحتملة لشخصية ترامب المتطرفة والمثيرة للجدل، خصوصاً أنه اشتهر بعدم القدرة على التحكم في مشاعره ونزواته أو ضبط ردود أفعاله، الأمر الذي دعا في البداية لإشراك مجموعة من العقلاء من أمثال تيلرسون وماتس وغيرهما، ومن قائل إن استبعاده يعود لأسباب ذاتية تتعلق بشاربه الأبيض الكثيف الذي قيل إنه يثير فزع ترامب! لذا من الطبيعي أن تثير عودته بهذه القوة إلى المشهد السياسي من جديد، وفي هذا التوقيت بالذات، تكهنات عدة، بعضها يرجح كفة العامل الخارجي وبعضها الآخر يرجح كفة العامل الداخلي. فمن قائل إن هذه العودة تعكس حرص ترامب على تضييق الخناق على كوريا الشمالية وإيران، ومن قائل إنها ليست سوى وسيلة للهروب من حصار فرضته عليه قوى الدولة الأميركية العميقة، وهو حصار يبدو واضحاً أنه بدأ يضيق حوله ويهدد بتنحيته في نهاية المطاف. فما الذي يمكن لإدارة ترامب أن تقوم به حين يعهد لرجل مثل بولتون أن يمسك بملفات الأمن القومي الأميركي؟ الواقع أن تعيين بولتون مستشاراً للأمن القومي الأميركي جاء كخطوة تبدو مرتبطة عضوياً بتغييرات أخرى عميقة طرأت على التشكيل الأولي لإدارة ترامب، ربما كان أكثرها أهمية تلك التي أدت أخيراً إلى إقالة تيلرسون وزير الخارجية وتعيين مايك بومبيو رئيس الاستخبارات السابق بدلاً منه. إذ تشير هذه التغييرات إلى أنه لم يبق من معتدلين في التشكيل الحالي لإدارة ترامب سوى جيمس ماتيس وزير الدفاع والذي يتنبأ البعض بأن أيامه في هذه الإدارة باتت معدودة أيضاً. لذا تبدو إدارة ترامب في المرحلة الحالية أقرب ما تكون إلى «حكومة حرب» مكلفة بالتعامل بأقصى قدر من الجدية والحزم مع ملفات شائكة يبدو أن موعد حسمها يقترب بسرعة، في مقدمها ملفا كوريا الشمالية وإيران.

أما بالنسبة إلى إيران فالأمر يبدو مختلفاً تماماً. فرغم أن البرنامج الإيراني، الصاروخي والنووي على السواء، لم يصل بعد إلى درجة التطور نفسها التي وصل إليها البرنامج النووي والصاروخي لكوريا الشمالية، إلا أن دخول العامل الإسرائيلي على خط المواجهة مع إيران يدفع الولايات المتحدة نحو المبالغة إلى حد التهويل في إدراك مدى خطورته كمصدر لتهديد الأمن. وسبق لي أن أشرت في أكثر من مقال نشر في هذا المكان إلى أن التصعيد الأميركي مع كوريا الشمالية سيأخذ منحى لفظياً ودعائياً، أما التصعيد مع إيران فسوف يأخذ منحى آخر تماماً، وربما يفضي في نهاية المطاف إلى مواجهة عسكرية. لكل هذه الأسباب، أجدني أكثر ميلاً للاعتقاد بأن تعيين بولتون مستشاراً للأمن القومي الأميركي، خصوصاً عقب تنحية تيلرسون وتعيين بومبيو وزيراً للخارجية، بمثابة خطوة تصعيدية تستهدف إيران، وليس كوريا الشمالية، وربما تنتهي بتوجيه ضربة عسكرية ليس لإيران فقط وإنما قد تشمل حركتي «حزب الله» و «حماس» أيضاً. لذا أعتقد أن الحرب المقبلة، والتي قد تكون أقرب مما نتوقع، ستكون إقليمية وستشن لحساب إسرائيل وبمشاركتها أيضاً.

 نقًلاعن الحياه اللندنية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دلالة بولتون مستشاراً للأمن القومي دلالة بولتون مستشاراً للأمن القومي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon