بقلم-أحمد عبدالتواب
الغِلّ فى المعجم هو العداوة والحقد الكامن. ويدهشك هذا الكم منه الذى تبثّه قناة «الجزيرة»، بعد أن وسَّعت المدى ليطال الدول المقاطعة لقطر، وجنَّدت طاقتها على مدى اليوم لكل ما تظن أنه ينال من أى من هذه الدول، وأجازت لنفسها أن تخرج على قوانين الإعلام وتقاليده وأخلاقياته، فراحت تعتمد على جانب واحد فى التغطية وتلغى الرأى الآخر الذى تتشدَّق به فى شعاراتها، أو أن تجلب أضعف من يدافع عنه لتبدى تهافته، مع اجتزاء وتركيز على الجانب الذى يخدم خطها، وتجاهل بقية المعلومات الأساسية التى يتعلم دارسو الإعلام فى أيامهم الأولى أن يلتزموا بها، مع الإحالة إلى مرجعيات مغمورة لا يعرف عنها أحد شيئا، من وسائل إعلام ومواقع إخبارية.. إلخ، ولكنها تضفى عليها بلا سند مصداقية وأمانة تجيز النقل عنها. ولكى يكتمل العرض جاء الدور التمثيلى للمذيعين والمذيعات بالنبر، الذى هو، أيضا فى المعجم، رفع الصوت بعد انخفاض، للتركيز على معلومات بعينها، فى أداء ينفى التزام جميع الطاقم به أن يكون اجتهادا من أحدهم، بل لا يمكن إلا أن يكون تلقينا معتمدا بقرار مركزي!
انظر إلى مواقفهم المنحازة إلى الحوثيين فى اليمن، وإلى الإرهابيين فى كل من سوريا وليبيا ومصر، ولاحظ فى كل هذه الصراعات المحتدمة من يتهمونه بالمروق والخروج على النظام العام، ومن يخترعون له الصمود والاصطفاف ويشهدون له بالشرعية ويفبركون له تأييداً شعبيا وإقليميا ودوليا.. إلخ. بل لم تسلم الرياضة من فائض شحنة الغل، وهو ما تجلَّى فى خسارة الفريق السعودى بخمسة أهداف مقابل لا شىء أمام روسيا، وكيف تنافس مذيعوهم ومعلقوهم على إظهار السخرية والتشفي، وراح أحدهم يتباكى على أنها هزيمة مدويّة، فيزايد الآخر بل إنها مهينة، ويخشى الثالث أن يُلام على تقصير، فيسرع بأنها أكبر هزيمة فى مباراة افتتاحية، ويعرب الرابع عن دهشته ألَّا يكون فى نية السعوديين أن يفوزوا بدليل أنهم لم يقتربوا من المرمى الروسي، ويضيف الخامس، بل إنهم لم يتجنبوا الهزيمة حيث إنهم لم يدافعوا أصلاً..إلخ!
هذا الأداء الإعلامى فى حاجة لدراسات علمية من خبراء متخصصين لتبصير الرأى العام بحقيقة عمل «الجزيرة».
نقلا عن الأهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع