بقلم - أحمد عبدالتواب
كيف يقتنع البعض أن هناك صدقا وإخلاصا فى الحملات المكثفة لإحدى الدول، أو بعض النشطاء أو منظمات حقوق الإنسان، داخليا أو خارجيا، ممن يصمتون على القتل المباشر للفلسطينيين العزل، وفيهم عجائز وأطفال، على يد قوات إسرائيل النظامية المدججة بسلاح يمنع القانون رفعه على المدنيين؟ كما أن أصحاب هذه الحملات لم يتخذوا موقفا يُظهِر خطورة الانتهاكات الإسرائيلية ومنها قانون يهودية الدولة الذى يعيد ما هو أسوأ من النظام العنصرى البائد فى جنوب إفريقيا! وفى الوقت نفسه، تُقصِر هذه الفئة من المنادين بحقوق الإنسان جهودها على ما يقولون إنه دفاع عمن يعتبرونهم ضحايا اضطهاد فى دول مثل مصر وليبيا والعراق وسوريا والسعودية! ولا يلتفتون إلى أن موقفهم يزيد من توحش إسرائيل التى صارت لا تكترث بتوثيق جرائمها بالصوت والصورة وعرضها كأدلة دامغة على انتهاك حقوق الإنسان بما فيها الحق فى الحياة، الذى هو أهم الحقوق، وأن يشاهدها الجميع على شاشات العالم وأهم المواقع الإلكترونية، لتكون سلاحاً فى يد من يريد أن يخلص حقا فى الدفاع عن حقوق الإنسان؟
وإذا نحَّيتَ حالة إسرائيل جانباً، بكل ما فيها من وضوح مُفحِم، وإذا دخلت فى تفاصيل ما يفعلونه على الناحية الأخرى تجاه أى دولة من الدول المستهدفة، ستجد مفارقات جديرة بالرصد. وخُذْ السعودية نموذجاً، والتى أصدرت قرارات مفاجئة منذ أشهر قريبة أحدثت بها بعض التغييرات المعتبرة فى أوضاع حقوق الإنسان، منها رفع وصمة أنها كانت الدولة الوحيدة فى العالم التى تجحد المرأة حق قيادة السيارة. وبينما كان المنطقى أن تحظى هذه الخطوة بتشجيع من كل المنادين بحقوق الإنسان فى العالم، وبدعم التوجه الجديد فى معركته الشرسة ضد المتطرفين والرجعيين، وبالتفاوض من أجل المزيد من الحريات، إذا ببعضهم يصدرون بيانات تستخف بالإنجاز الذى تحقق بالفعل، وتفسره فى سياقات تدمر السعى الحقيقى لتحسين أوضاع حقوق الإنسان، بل وتُسفِّه الموقف الشجاع من بعض النساء السعوديات اللائى ناضلن للحصول على هذا الحق وواجهن الرجعية فى عز سطوتها وهنّ يعلمن التبعات.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع