بقلم - أحمد عبدالتواب
إذا كانت إسرائيل صادقة حقاً فى أنها دولة ديمقراطية، فإن الالتزام بالقواعد الديمقراطية سوف يقضى حتماً على يهوديتها، كنتيجة عملية منطقية لإعمال أهم بند ديمقراطى بإطلاق حرية الاعتقاد بين جميع مواطنيها والمساواة بينهم بغض النظر عن عوامل كثيرة منها الانتماء الدينى لأى منهم. وبالتالى، ومع زيادة أعداد غير اليهود بمعدلات أعلى، لن يكون بالإمكان أن تصير دولة يهودية كما يخطط اليهود المتعصبون! ومن ناحية أخرى، وبإصرار إسرائيل، فى القانون الجديد، على أن تكون دولة يهودية وأن تكون وطناً لكل يهود العالم وأن تمنح حق الجنسية لأى يهودى متى طلبها وأن تُقصِر حق تقرير المصير على مواطنيها اليهود فقط، فإن هذا ينفى ديمقراطيتها، لأنها تنتهك قاعدة المساواة ضد مواطنيها من غير اليهود! وهذا يعنى بصريح العبارة أن إدعاء القانون الجديد بإقامة دولة يهودية ديمقراطية، أى بجمع شيئين من المحال أن يجتمعا، هو مغالطة كبرى، حتى إذا كانت بموافقة أغلبية الإسرائيليين وحتى إذا حظيت بتأييد من القوى العظمى مجتمعة!
ولكن، وحتى لا نغرق فى الخيال، فإن هذه النقطة على أهميتها، بتناقضاتها المنطقية وبما تتيحه من أدوات قوة سياسية للفلسطينيين، ليست سلاحاً قوياً فى يد الفلسطينيين، برغم أنها يمكن أن تكون كذلك! لأنه يلزم أن تتوافر شروط أخرى، أهمها إدراك أهمية الممكنات المتاحة، مع وجوب توحيد الصفوف. ولكن الواقع على الأرض يؤكد أن الفلسطينيين أبعد ما يكونون عن هذا، بل إنهم، وبغض النظر عن نواياهم ومنطلقاتهم وأغراضهم، ينفذون على الأرض أهم المستهدفات العملية لإسرائيل! أنظر فقط إلى دأب إسرائيل الذى لا يكلّ بشطر الوجود الفلسطينى بين الضفة الغربية وقطاع غزة، والحرص على قطع وسائل الاتصال بينهما، بهدف واضح هو إضعاف الفلسطينيين، فإذا بالفلسطينيين يقعون فى فخ تحقيق ما تعجز إسرائيل عن الوصول إليه وحدها، بتعميق واقع الانفصال بتشكيل هيئات وقيادات فى كل شطر تصارع بعضها بعضاً، وتضع عملياً قضية الوطن فى درجة تالية فى الأولويات!
لن يتحقق أى إنجاز نوعى للفلسطينيين ما دام هذا الانشقاق قائماً.
نقلا عن الأهرام
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع