بقلم - أحمد عبدالتواب
لعلّها ستكون أكبر أزمة علنية، منذ الحرب العالمية الثانية، بين أمريكا وعدد من الدول الأوروبية الكبرى يختمر لها الآن موقف ضد سياسة الرئيس ترامب! ويأتى أوضح تعبير عن الموقف الأوروبى الجديد على لسان وزير الاقتصاد الفرنسى برونو لومير الذى راحت تصريحاته تزداد حِدّة مع تطور الأحداث. ففى مارس الماضي، بعد قرار ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية على واردات الصلب والألمونيوم لأمريكا، بما كان له من أثر سلبى على الصناعة الأوروبية، أعلن لومير وجوب أن تردّ أوروبا بفرض إجراءات مضادة على الصادرات الأمريكية إلى الاتحاد الأوروبي، وقال إنه يجرى اتصالات بهذا الشأن مع نظيريه البريطانى والألماني، ثم سرعان ما جاءه تأييد من المتحدث باسم المفوضية الأوروبية.
وتصعيداً فى نفس الخط، كان موقف الوزير الفرنسى ضد القرار الأخير لترامب بالانسحاب من الاتفاق النووى مع إيران وإعادة مقاطعتها مع فرض عقوبات على الشركات المتعاملة معها! فردّ الوزير الفرنسى مستنكراً أن تحتكر أمريكا لنفسها دور شرطى الاقتصاد العالمي! وقال إن قرار ترامب خطأ فى مجال الأمن الدولى، وكذلك من وجهة نظر اقتصادية، وأشار إلى التبعات السلبية على شركات فرنسية مثل رينو وبيجو وتوتال. وكرّر ما سبق إعلانه من أنه بصدد دراسة هذه المستجدات مع نظرائه الأوروبيين لاتخاذ الرد الممكن على هذه العقوبات.
يبدو أن ترامب يُعجِّل بالدفع بأوروبا إلى إعادة نظر جذرية فى العلاقات بين الجانبين التى تشكَّلت وفق أوضاع ما بعد الحرب العالمية الثانية، عندما تلبَّس الأوربيين الرعبُ من الاتحاد السوفيتى، وكانوا فى أشد الحاجة لعون أمريكى لحماية أمنهم. وكان من المفترض أن يدخل تعديل على هذه المفاهيم بعد انهيار الاتحاد السوفيتى وسقوط الكتلة الشرقية وتبنيهم النظم الاقتصادية والاجتماعية نفسها التى كان الغرب يخشى من تهديدهم لها. ثم إن ترامب، وبطريقته الفظة، راح يتبنى خطاباً ينال من الكرامة الأوروبية وهو يَمِنّ عليهم علناً فى اجتماعات الناتو الرسمية بالدفاع عنهم، ويطالبهم بأن يدفعوا المقابل! ثم هاهو يتخذ القرارات دون أن يصغى لنصائحهم، ودون أن يكترث للأضرار الواقعة عليهم من هذه القرارات.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع