بقلم - أحمد عبدالتواب
فاقت نجاحات محمد صلاح فى الخارج أقصى ما توصلت إليه الأغلبية العظمى مِن مشاهير مَن حقّقوا إنجازات كبرى فى مجالات كرة القدم فى العالم، الذين يشتركون معه فى الحصول على مثل جوائز أحسن لاعب وأول هدّاف، لأن أثره تجاوزهم بكثير بوصوله إلى مجالات أخرى مهمة خارج الدائرة التقليدية التى تدور فيها إنجازاتهم. ومن ذلك ما تحدث عنه عمدة مدينة ليفربول ستيفين روثيرام، الذى قال يوم الجمعة الماضى للـ «بى بى سى» إن صلاح نجح فى كسر حواجز الإسلاموفوبيا (الخوف من الإسلام)، وإن هذا صار واضحاً فى السلوك العام فى المدينة، وليس فقط فى الغناء الجماعى له فى المدرجات. وقال العمدة، القيادى بحزب العمال، إن ما حققه صلاح إنجاز ضخم لأنه نتيجة أداء شخص واحد. وقد نقل عدد من الصحف والمواقع الإخبارية الإنجليزية هذه التصريحات واستطلعت آراء بعض الجماهير لتؤكد صحة رأى العمدة، وتضيف أن أثر صلاح وصل إلى الأطفال، الذين تحمس الكثيرون منهم للعب كرة القدم، حيث ذكرت إحدى الأمهات فى الاستطلاع أنها كانت فشلت فى حثّ ابنتها ذات الأحد عشر عاماً على ممارسة أى نوع من الرياضة، إلا أن سطوع نجم صلاح هو الذى شجع الفتاة مع كثير من زميلاتها وزملائها على الانضمام إلى فريق كرة القدم فى المدرسة. أضف إلى هذا ما قيل عن فضل صلاح على الأقليات المسلمة والعربية فى الاندماج فى مجتمعاتهم الجديدة، وكأنهم صاروا موقنين بجدارة المساواة مع أبناء البلاد الذين يُقدِّرون التفوق بالجدية والتفانى فى العمل والتواضع والدماثة..إلخ، وكلها صفات متفق عليها فى شخصية صلاح.
لقد صار صلاح ظاهرة من الظواهر التى لا تكون آثارها بالضرورة فى ذهن صاحبها مسبقاً، وإنما تكون شخصيته وحضوره وأداؤه وراء نتائج لم تكن مستهدفة، وتصبح محاكاته هدفاً لدى الكثيرين من المتطلعين إلى أن يكونوا مثله، بل إن زملاءه فى ليفربول يُخرِجونه من مجال المنافسة والغيرة، برغم أنها مشاعر طبيعية خاصة فى الرياضة، بل إنهم يشتركون مع الجماهير فى الغناء له حتى فى غرفة الملابس، لأنه صار ملهماً لهم كما أن وجوده أصبح يوفر لهم الاطمئنان والثقة.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع