بقلم - أحمد عبدالتواب
المفاجآت اليومية التى يبتكرها الرئيس ترامب أصعب من أن يقدر أحد على توقعها أو حتى أن يتوقع فى أى مجال تضرب! وكان آخرها ما أعلنه البيت الأبيض رسمياً أن ترامب وجَّه الشكر للشيخ تميم على الإجراءات التى تتخذها قطر لمكافحة الإرهاب والتطرف بكل أشكاله! وإذا نحَّينا جانباً أن تبرئة ترامب، أو أى رئيس أمريكي، لأى دولة من الإرهاب هى شهادة مجروحة، لأنها تتصادم مع حقيقة أن أمريكا نفسها فى حاجة لمن يبرئها من ذات التهمة، فإن أول ما يلفت النظر هو التناقض بنسبة مئة فى المائة بين هذا التصريح، الذى قيل يوم الإثنين الماضى 15 يناير، وبين ما سبق وأعلنه ترامب، فى 9 يونيو الماضى فى أعقاب مؤتمر القمة العربى الأمريكى فى السعودية، بأن دولة قطر، للأسف، هكذا قال، لها تاريخ طويل فى تمويل الإرهاب على مستوى عالٍ جداً! ودعا قطر لإنهاء تمويلها للإرهاب، وحثَّها على أن تكون بين الدول المسئولة وأنها يجب أن تبذل المزيد..إلخ!
والحقيقة أنه ليس هناك جديد فى تناقض رؤساء الدول العظمى بين ما يعلنونه وبين سياسات بلادهم العملية على الأرض، وإنما الجديد مع ترامب أنه تجاوز الكذب الدبلوماسى المعمول به فى بعض المواقف إلى التحليق فى عالم السيريالية، دون أن يكترث بصورته التى يبدو بها أمام العالم! وقد يكون من غير الكافى التوقف عند ضعف المهارات السياسية، وهى حقيقة لا جدال فيها، وإنما ينبغى الاهتمام بهذا النزوع الجديد الذى يعبر عنه ترامب، وخطورته تأتى من أنه لا يعلن رأيه الشخصى فقط، وإنما هو يعبر عن فئات قوية أتت به للحكم وتقدر على حماية استمراره، على الأقل حتى الآن! والخطير فى هؤلاء أنهم مصرّون على تحقيق مصالحهم بصورة سافرة وبأدوات كانت الأجيال السابقة لهم تعمل على إخفائها، بل واستنكارها، لأن السابقين كانوا يعلمون أنها ممجوجة من العالم، بل ومن قطاعات كبيرة من الرأى العام الأمريكي، بل إنها تتعارض أحياناً مع ما يرفعونه هم أنفسهم من شعارات!
وأما بخصوص الإرهاب، فعلينا أن نتحسب من الاتفاق الأمريكى القطرى على مكافحته!
نقلا عن الأهرام المصرية