بقلم - أحمد عبدالتواب
تعمَّقت وترسَّخت العلاقة الخاصة الغريبة بين أمريكا وإسرائيل ووصلت إلى درجات غير مسبوقة فى علاقة أمريكا مع أى دولة أخرى فى العالم، حتى إنه لم يعد من الصواب الحديث عن علاقة ثنائية بين أمريكا وأى دولة أخرى فى المنطقة، لأن هذه العلاقة هى فى الواقع ثلاثية، لأن إسرائيل طرف أساسى تَحسب أمريكا حسابَها كأولوية أولى فى علاقتها مع أى دولة أخري! أما كيف تشكلت هذه العلاقة المعقدة بين أمريكا وإسرائيل؟ فهو موضوع يطول فيه الكلام وتختلف فيه التحليلات، بل إن بعض المحللين يعترفون بأنهم عاجزون عن إدراك آلياته الدقيقة!
وصل الأمر أحيانا إلى حد أن تتولى أمريكا تنفيذ أحد الأهداف لإسرائيل برغم أنه قد يتسبب فى خسائر تتعرض لها المصالح الأمريكية فى المنطقة! مثلما حدث عندما أصرَّت إسرائيل على تدمير العراق وليس مجرد التخلص من صدام حسين ونظامه، فقامت أمريكا بالمهمة، التى كانت تتعارض مع سعى أمريكا للإبقاء على حد معقول من قوة هذا النظام فى العراق بما يكفى لصد طموح إيران الراغبة فى التمدد فى الإقليم! وهو ما تحقق بالفعل بعد تدمير العراق!
المخيف أن خطة إسرائيل الاستراتيجية تتضمن بنودا تستهدف إلحاق الدمار بعدد من دول الجوار، ضمنها العراق وإيران، وقد قررت أن تبدأ بالعراق باعتباره الخطوة الأسهل، ومن المرجح أن توسع إيران كان مقصودا فى الخطة، بغوايتها بغياب العدو اللدود فى بغداد الذى كان يكبح انطلاقها. لذلك، فمن المفيد اعتبار أن إيران لم تتقدم فقط بفضل قوتها التى زادت نسبيا، وإنما أن يُحسَب أنه جرى استدراجها عمدا بهدف كشف خطرها على المنطقة والعالم، فتستفيد إسرائيل بكسب توافق إقليمى وعالمى لإنزال ضربة موجعة بإيران! وفى هذا السياق يأتى مؤتمر وارسو الأخير لتهيئة الأجواء للتصعيد ضد إيران، ولكنه ينعقد على طريقة ترامب ونيتانياهو بكل ما فيها من تعجل وعدم اكتراث بالمصالح الأخرى لأطراف قوية، لهذا جرى تحويل أهدافه سريعا لتحقيق فائدة أخرى ممكنة بتطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول الأخرى.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع