بقلم - أحمد عبدالتواب
لا تَحكُمْ على الظواهر التى تُوحِى للبعض بأن قطر تسعى لسياسة مستقلة عن أمريكا، وأنها تساند حقاً تركيا ضد سياسة ترامب، أو أنها تبرم اتفاقات تجارية وأمنية مع إيران متحدية إرادة واشنطن التى تتشدَّد فى فرض عقوبات على إيران وتعاقب أقرب حلفائها الذين لا يلتزمون بمقاطعتها! وتذكَّر فقط أن أمريكا تسمح لقطر أن تستضيف على أراضيها ممثلين لحركة طالبان ولتنظيم حماس، برغم الحرب العلنية التى تخوضها واشنطن ضد الاثنين! وقد فسر بعض المسئولين الأمريكيين ما يبدو تناقضا بأن واشنطن تعمل على أن يكون هنالك دائما بابا متاحا حتى مع أعدى أعدائها فى حالة الاضطرار لإجراء أى نوع من الحوار أو التفاوض، وأنها تُفضِّل أن يكون هذا فى إطار دولة موثوق فيها، وأن قطر تتوافر فيها الشروط المطلوبة.
أضِفْ إلى هذا أن تعقيدات السياسة تتضمن أحيانا ألا تتطابق، فى نفس الوقت، سياسات إحدى الدول فى مناطق مختلفة، إلى حد ما قد يبدو تعارضاً، وذلك بسبب مصالح الدولة المختلفة هنا وهناك، وبسبب ظروف وملابسات كل حالة، حتى إن قطر الصغيرة التى تتعاون مع إيران بهذا الوضوح تصطدم معها فى سوريا لاختلاف مصالحهما هناك. وأما أمريكا، فبرغم خلافها الضارى مع إيران، فإنها لا تمانع من استخدامها بعبعا لدول المنطقة حتى تجبرها على التقارب أكثر من واشنطن طلباً للحماية، وهو ما يعنى أيضا أن على هذه الدول أن تُبدِى مرونة فى ملفات أخرى نظير الحماية التى توفرها لهم واشنطن من الخطر الإيرانى الذى توافق أمريكا على وجوده فى المنطقة بما لا يتجاوز الحد المطلوب.
وهناك تفاصيل أخرى تبرر لأمريكا أن تقبل، بل أن تخطط بنفسها، لأن تقوم قطر بدعم تركيا باستثمار المليارات لتخفيف أزمتها الطاحنة، وأن توقع مع إيران اتفاقات لتنشيط خطوط الملاحة بينهما، وأن تزداد صادرات إيران إلى قطر لتصل قريباً إلى نحو 900 مليون دولار بعد أن كانت 70 مليونا فقط قبل مقاطعة الدول العربية لها.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع