بقلم - أحمد عبدالتواب
هل نحن فى حاجة لتشريع جديد يَتشدَّد مع ظاهرة التسول؟ وماذا يمكن أن يضيف هذا التشريع إلى القانون القديم الذى يُجرِّم التسول ويفرض عقوبات بالحبس والغرامة على المتسولين البالغين، وعلى من يدفع الأطفال إلى التسول؟ وهل يمكن أن يضيف تغليظ العقوبة سلاحاً لعلاج الداء؟ هذه مجرد أسئلة قليلة ضمن كوم من الأسئلة، لأن لدينا بالفعل قانونا منذ 1933 يُجرِّم ويفرض عقوبات، وأضيفت عليه تعديلات لاحقة، ولا يبقى سوى أن تعمل الأجهزة التنفيذية وأن يحكم القضاء فيمن ينتهك القانون. ولكن، وللأسف، فإن القوانين لا تُفَعَّل على الأرض، كما أن هناك حالات حكم فيها القضاء ببراءة المتهم بالتسول، لأسباب إجرائية، أو لأن القاضى لا يرى فى الفعل إلا أحد أعراض هروب الأثرياء من فريضة الزكاة التى لو التزموا بها لحلت المشكلة ولما صار هنالك فقر ولا فقراء.
القانون القديم المنصوص عليه منذ أكثر من 80 عاماً يُحدِّد الجريمة بدقة، ويصف من يجوز أن توجه له التهمة، بالعمر والحالة الصحية، ويفرض عقوبات..إلخ، بما يُشكِّك فى إمكانية أن تغليظ العقوبة سيحل المشكلة، لذلك يجب البحث عن الأسباب الموضوعية التى تحول دون تنفيذ القانون! كما أنه لا يصح الاكتفاء بإلقاء اللوم على أجهزة السلطة التنفيذية وحدها، مع الإقرار بعدم جديتها، وإنما يجب دراسة الأسباب المادية المُعَوِّقة، مثل قِلة أماكن الإيواء المناسبة التى توفر الإقامة والمعيشة للمعدمين المرضى ممن ليس لهم مهارات عمل، كما أنه يجب انتشال الأطفال الصغار من بيئة احتراف التسول، حتى لا يشبّوا على استحلال هذه الطريقة فى الكسب، فتتلوث عقولهم منذ النشأة، ولا يكتسبوا إحساس الاعتداد بالنفس وبالكرامة الإنسانية، بل يجرى تخريب عقولهم الغضّة باستحسان ذويهم لقدرتهم على المسكنة والتذلل والابتزاز بالجوع والبرد..إلخ. التسول أحد أعراض التخلف، ومن أسبابه أيضاً، ويغذيه الفقر والجهل. وعلى الجانب الآخر، يدعم بقاءه واستمراره من لا تدفعهم عقيدتهم الدينية لبذل الجهد للتخلص منه، وإنما يستفيدون منه بكسب ثواب الصدقة، إضافة إلى اتجاهات سياسية تجده حجة سياسية لمهاجمة توجهات أخرى..إلخ.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع