توقيت القاهرة المحلي 10:31:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القرارات فوق الصعبة

  مصر اليوم -

القرارات فوق الصعبة

بقلم - عبد المنعم سعيد

اتخذ الرئيس عبدالفتاح السيسى الكثير من القرارات الصعبة التى وجلت منها قيادات سابقة، فلم يكن هناك خلاف فيما سبق على أنه لا يجوز فى الدولة أن يكون هناك تعدد فى أسعار عملتها، ولا أن يذهب الدعم إلى الأغنياء ولا يأتى إلى الفقراء، وأن الموازنة العامة لا يمكنها تحمل استمرار الانتفاخ فى دعم الطاقة، وأن القطاع العام هو سلة مثقوبة لنفقات متزايدة وعوائد فقيرة، وأن التنمية فى البلاد غير متكافئة بين المناطق المختلفة. القائمة كانت طويلة، ولكن القرارات بشأنها كانت «متأنية» خوفاً من غضب الرأى العام، الذى غضب فى النهاية على أى حال دون شجاعة تباشر ما الذى سوف يفعله الغاضبون فى كل هذه القضايا.

ما حدث خلال السنوات القليلة الماضية أن القرارات جرى اتخاذها، ولم يكن أقل من ذلك أهمية أنه جرى تنفيذها فى عهد وزارات المهندس إبراهيم محلب والمهندس شريف إسماعيل والدكتور مصطفى مدبولى، تغيرت الوزارات ولكن المسيرة كانت واحدة، ونتائجها ظلت إيجابية، ومؤشراتها ترى المؤسسات المالية الدولية أنها مبشرة بعد أن أصبح معدل النمو فى العام المالى الأخير 5.3%، والمرجح أنه سوف يصل إلى 6% فى العام المالى 2020. ومع ذلك، وفى بلد حجم سكانه تجاوز 100 مليون، وفيه 27% من الفقراء، و25% من الأميين، ويوجد فيه عشرات من الشركات الخاسرة، فإن إصدار القرارات الصعبة وحدها، وتنفيذها وبسرعة، لا يكفى لأن المجتمع لابد له من اتخاذ قرارات فوق الصعبة!.

مفتاح البحث عن «القرارات فوق الصعبة» كان فى فيديو شاهدته من مدينة بوسطن الأمريكية يوم افتتاح حزمة كبيرة من مشروعات النقل، من طرق وجسور ومحاور، عن طريق تكنولوجيا «الفيديو كونفرانس». كان الجمهور سعيداً، ووزير النقل مزهواً، والمشهد فى عمومه فيه الكثير من البهجة والسرور بحدوث إنجازات حقيقية، حتى كانت هناك فرصة لكى يسأل الرئيس واحداً من السادة المحافظين عن حال الطرق فى محافظته. فما كان من السيد المحافظ إلا أن بدأ مرة أخرى فى سرد ما كان يسرده من قبل، وفصّل فيه متحدثاً عن «المشروعات المستقبلية» الواردة فى الخطة. لم يكن هناك شك فيما كان يقوله المسؤول الكبير، ولكن السؤال ظل معلقاً فوق الرؤوس حول حال الطرق فى المحافظة المعنية، فما كان من الرئيس إلا أن طلب الحديث مع واحد من الشباب وسأله نفس السؤال، وبعد تردد قليل قال الشاب إن الطرق فى المحافظة «متهالكة»!.

شرح الرئيس المسألة بوضوح، فالدولة قامت بالفعل بمشروع عملاق للطرق شمل الجمهورية كلها، ولكن ذلك لم يشمل الطرق الداخلية فى المحافظات لأنه ببساطة لا توجد موارد كافية لذلك، ولابد أنه على طرف ما أن يبحث عن كيفية تمويل إصلاح هذه الطرق. كان ما فعلته الدولة منطقياً، فإصلاح منظومة الطرق فى أى دولة يبدأ بشبكة الطرق الواسعة التى تربط بين أجزاء الدولة وبعضها البعض لأن ذلك مهم للاقتصاد، وللأمن القومى أيضاً.

كانت هذه هى مهمة الدولة فى اتخاذ القرارات الصعبة أما القرارات فوق الصعبة فإنها مهمة المجتمع، وربما كانت هى الفارق ما بين الدولة النامية والدولة المتقدمة. فى هذه الأخيرة، فإن مجتمع كل منطقة أو محافظة أو محلية من المحليات هو الذى عليه حشد الموارد اللازمة المالية والبشرية لاستكمال ما لم يُستكمل، وتعويض ما لم يُعوض، ومضاعفة معدلات النمو فوق معدلاتها الحالية، وفى حالتنا لأن المعدل الحالى ليس كافياً للتعامل مع معدل النمو السكانى، والاحتياجات الخاصة بمجتمع متقدم. وفى الحقيقة فإن الحديث عن الطرق ليس هو كل ما يمكن الحديث عنه فى هذا المجال، وإنما هو حديث كل المجالات فى التعليم والصحة والصناعة والزراعة والخدمات، فما لم تعرف كل وحدة محلية كيف تتخذ القرارات فوق الصعبة التى تحشد مواردها فإن الصورة سوف تظل دوماً ناقصة.

ومنذ عام 2003 فإننى أذهب سنوياً إلى ولاية «ماساشوستس» الأمريكية، وفى أول الأمر كانت هناك «كارتة» تأخذ الأموال كل بضعة كيلومترات، كانت المحليات فى المدن والقرى تبحث عن موارد تصون بها الطرق وتفتح المدارس. هذا العام اختفت كل محطات تحصيل رسوم الطريق، أصبحت الولاية كلها من الغنى بحيث لم تعد هناك حاجة للرسوم!. القرار فوق الصعب الكبير هو كيف نجعل المحافظات المصرية تحشد مواردها؟

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القرارات فوق الصعبة القرارات فوق الصعبة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس
  مصر اليوم - فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon