توقيت القاهرة المحلي 15:24:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

روسيا وإسرائيل: علاقة جديدة في شرق أوسط جديد

  مصر اليوم -

روسيا وإسرائيل علاقة جديدة في شرق أوسط جديد

بقلم-جميل مطر

غالبية الذين طلبت الاستماع إلى رأيهم في حال ومستقبل العلاقة بين روسيا وإسرائيل بدأوا بالتأكيد على أن الوضع الاستراتيجي للدولتين لا شك تحسن جداً، وأن هذا الوضع الجديد المحسن سوف يؤثر حتماً في تحديد نوع العلاقة بينهما في الحال والمستقبل. ذهب بعضهم إلى أبعد مما هدف إليه السؤال. منهم من اختار التنبؤ بشكل وهيكل الشرق الأوسط الجديد الذي ستتحرك فيه وتتفاعل هذه العلاقة، ومنهم من توسل إلى حكوماتنا ألا تستعجل نهاية العرب فتهمل، أو تتغاضى، في المشاركة بحجة عدم الاختصاص. منهم أيضاً من دعا المسؤولين العرب إلى عدم الاستسلام سلبياً لواقع جديد يتشكل وعلاقة جديدة بين طرفين غير عاديين بحجة حظنا الذي تعثر أو قدرنا الذي يلازمنا ولم نختره. سمعت خبيراً عاش مدداً متفرقة في قصور الحكم وكان حديثه ممتعاً، قال لا تنسى يا صديقي أن أكثر من بيدهم مقاليد الأمور قرروا أن لا يكون بين المواسم المقبلة في الشرق الأوسط الجديد ربيع من نوع ربيع النظام العربي.     هل كان بمقدور إسرائيل أن تمنع عودة روسيا إلى الشرق الأوسط بالشكل الذي عادت به؟ سؤال من هذا النوع تردد في أكثر من موقع أو على ألسنة مسؤولين أو في كتابات معلقين وخبراء في العلاقات الدولية. حكمت من البداية على هذا السؤال بأنه جاء متأخراً. فإسرائيل كانت قد وصلت إلى اقتناع بحاجتها إلى أن تتعدد مواقع دفاعاتها ونقاط دعمها ونوعية تحالفاتها وخصوماتها. أظن أنها، وبسبب انكشاف أكثر من هوة في علاقتها بالولايات المتحدة الأميركية، قررت في عهد الرئيس باراك أوباما توسيع قاعدة حلفائها وتنويع علاقاتها الخارجية. إسرائيل لا ينقصها معلومات عن أميركا. نحن، وأمثالنا كثر في أوروبا وآسيا من الذين يعتمدون أساساً على مصادر معلنة للمعلومات، توقعنا أن تكون أميركا قد دخلت بالفعل مرحلة استقطاب داخلي يتوسع متدرجاً وصعوبات مالية سوف تفرض نفسها على سياسات أميركا الخارجية فما البال بالمراقبين الإسرائيليين. أذكر كيف انتقد معلقون ومسؤولون أميركيون الرئيس أوباما عندما قرر تخفيض موازنات الدفاع والتسلح كخطوة أولى من خطط أوسع لترتيب البيت من الداخل بعد الهزة العنيفة التي أصابته في عامي 2007 و2008. ما لم نتبينه بالوضوح الكافي هو المدى الذي وصل إليه تردي الأحوال الاجتماعية وانحدار ثقة الشعب في الطبقة السياسية الحاكمة. آخرون تبينوا وتنبهوا.   روسيا، من ناحيتها كانت جاهزة للترحيب بإسرائيل شريكاً في الساحة الدولية ثم في الشرق الأوسط في شكل خاص. إسرائيل، كما تابعتها روسيا من بعد معظم الأحيان ومن قرب في أحيان معروفة، دولة يمكن أن تكون مفيدة لمن يدفع الثمن المناسب وفي الغالب يكون باهظاً. عرفنا بالتجربة المؤلمة وعهدنا عبر العقود، أنه لا توجد دولة في العالم إلا وكانت لها حاجة عند واشنطن. عرفنا أيضاً وبالتجربة المؤلمة أن الثمن الذي دفعته دول عربية خلال صراع السبعين عاماً كان فعلاً باهظاً ونسمع أن دولاً آسيوية وفي أميركا الجنوبية تكاد تكون أقامت علاقة دولية ثلاثية تختص فقط بهذا الشأن. نستطيع طبعاً أن نتصور حجم المساومات التي جرت في الشرق الأوسط أخيراً، آخذين في الاعتبار أن روسيا تساوم إسرائيل للحصول على تعاونها في قضايا تمس مصالح روسيا استجدت مع تدخل روسيا في سورية في عام 2015، وتعاونها في قضايا تمس طموحات روسيا في الشرق الأوسط، أي فيما هو أوسع كثيراً من الدائرة السورية الإيرانية.   روسيا تبني مفاعلات نووية في مصر والأردن وتركيا. بمعنى آخر، إسرائيل تريد أن تكون طرفاً ثالثاً، بالمعلومات كحد أدنى، في كل خطوة من خطوات بناء أي من هذه المفاعلات. ولا شك أن روسيا لا تريد أن يحدث لمفاعلاتها ما تهدد إسرائيل بعمله ضد مفاعلات إيران وما فعلته مع مفاعل العراق. هي لا تطمئن إلى طرف ثالث غيرها عندما يتعلق الأمر بدولة في الشرق الأوسط تنتج طاقة نووية. هكذا يمكن أن نتصور أهمية وجود علاقة قوية بين روسيا وإسرائيل تضمن اطلاع إسرائيل على مراحل حياة المفاعلات التي تنوي أن تنشئها في الشرق الأوسط.   لا يخفى أن تكون موسكو مستعدة لتلعب دور منقذ اللحظة الأخيرة في سباق التصفية أو التسوية النهائية في فلسطين. لقد استفادت روسيا من تراجع وضع أميركا الاستراتيجي في الشرق الأوسط ليس فقط لتعود إلى المنطقة ولكن أيضاً لتتوسع فيها بالنفوذ السياسي والوجود العسكري. دعونا لا ننسى المتغيرات الأحدث مثل توقعات طفرة الطاقة والغاز واحتمالات نشوب صراعات في وقت مبكر حول أنابيب الغاز التي ستمتد من سواحل غرب البحر المتوسط إلى مراكز الحياة والصناعة في أوروبا. لإسرائيل في هذه الأمور بالذات رأي وموقف، ولن تترك الأطراف الإقليمية تشكل تحالفاتها الثنائية والثلاثية والرباعية من دون أن تكون طرفاً أساسياً فيها. روسيا من ناحيتها لها مصالح وارتباطات بالدول السلافية تأمل بتنشيطها يهمها أن تكون هي الأخرى طرفاً ضامناً لهذا التحالف أو ذاك.   من الواضح أن الإسرائيليين والأوروبيين الغربيين ليسوا على الوفاق الذي عودونا عليه. ربما لا توجد علاقة مباشرة بين الشكوك وعدم الثقة المتبادلة حالياً في العلاقات بين الولايات المتحدة ودول كبيرة في غرب أوروبا وبين البرودة، وربما أكثر من البرودة، بين إسرائيل وبعض هذه الدول. ولكن التاريخ يذكرنا بأن إسرائيل مدينة لأوروبا في نشأتها أكثر مما هي مدينة لأميركا ومع ذلك هي اليوم قلقة، بل منزعجة، من انحدار مستوى الدعم الأوروبي مقارناً بالدعم الأميركي. إسرائيل لا تريد أن تعترف أن هذا الانحدار في المشاعر الأوروبية جاء نتيجة جشع وتوسع المستوطنين وعنصرية وعصبية الطبقة السياسية الإسرائيلية الجديدة، وغالبيتها قادم من روسيا أو متأثر بها. من ناحية أخرى كان واضحاً على امتداد العقود الأخيرة هذا الدور المتزايد قوة للمهاجرين اليهود من روسيا. يؤثرون في الاتجاهين، في داخل إسرائيل لمصلحة مزيد من التعاون مع روسيا، وفي داخل روسيا في اتجاه مزيد من التعاطف مع إسرائيل على حساب ثقافة سياسية شجعت شعوب روسيا على التعاطف مع الفلسطينيين والعرب.   في إسرائيل أيضاً ظهرت علامات عن طفرة في إنتاج تكنولوجيات متطورة وعمل لتصبح إسرائيل مركزاً مرموقاً في سوق الإبداع التكنولوجي. إن صح وجود هذه العلامات فستكون روسيا أول الدول الحريصة على أن تكون قريبة جداً من إسرائيل كما هي تسعى لتكون قريبة جداً من الصين. نعرف ويعرف الروس أن مراكز الإبداع التكنولوجي في الولايات المتحدة مفتوحة لإسرائيل سواء رسمياً من طريق اتفاقيات أو ببرامج تبادل المعلومات أو بالتجسس الذي يمكن أن يقوم به مواطنون أميركيون يهود أو بالاستفادة من الهيمنة على وسائل الإعلام ومراكز البحوث العلمية.   أسباب وظروف عدة تجعلنا نتوقع علاقة أقوى بين روسيا وإسرائيل بشكل عام وفي الشرق الأوسط بشكل خاص. تزداد فرص هذا التوقع مع كل تفسخ داخل معسكر الغرب وكل تدهور في العلاقات العربية- العربية. تزداد أيضاً مع كل زيادة في مظاهر انحسار الاستقرار الإقليمي وتعدد النزاعات بين دول الإقليم. نقلا عن الحياه اللندنيه 
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا وإسرائيل علاقة جديدة في شرق أوسط جديد روسيا وإسرائيل علاقة جديدة في شرق أوسط جديد



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon