بقلم - منار الشوربجي
علاقة أمريكا بحلفائها الدوليين فى عهد ترامب صارت معروفة بالمقارنة بعلاقته بحلفائه الداخليين. فمن الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ للحرب التجارية مع كندا واليابان وأوروبا، ومن الموقف من الناتو للإعلان عن الانسحاب من سوريا، تابع العالم عن كثب ما طرأ على علاقة أمريكا بحلفائها فى عهد ترامب. لكن علاقة ترامب بحلفائه السياسيين داخل أمريكا نفسها تستحق المتابعة أيضا ليس فقط لتبعاتها على مجمل أوضاع السياسة الداخلية والخارجية، وإنما لأنها تمثل المؤشرات الأهم بالنسبة للعام الجديد.
فعلى سبيل المثال، عندما أعلن ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا تركزت الأنظار على حلفاء أمريكا الدوليين، الذين فوجئوا بالقرار. فها هو ماكرون ينتقد القرار قائلا إنه «لابد للحليف أن يكون موثوقا به». وهو القرار الذى تسبب فى استقالة جيمس ماتيس وزير الدفاع، وها هى وزيرة الدفاع الألمانية للبيت الأبيض تطالب «بالوضوح بشأن من يخلفه». لكن حلفاء الولايات المتحدة الدوليين لم يكونوا وحدهم الذى فوجئوا بالقرار. فقد فاجأ ترامب أعضاء حزبه بالكونجرس، الذى لم يستشرهم ولا أخطرهم بالقرار. وهو الشىء نفسه الذى حدث بخصوص قرار السحب التدريجى للقوات من أفغانستان، الذى عرفه أعضاء حزب الرئيس من الصحف. فكانت النتيجة انتقادات حادة من رموز مهمة فى حزب الرئيس، بما فيها الدعوة لإجراء جلسات استماع لبحث القرارين والبت بشأنهما. وكان أغلب من وجهوا الانتقادات للرئيس من أهم رموز حزبه الذين طالما دعموه طوال العامين السابقين، ويحتاجهم الرئيس فى معاركه المقبلة مع الأغلبية الديمقراطية فى مجلس النواب. ثم إن الكونجرس لا يمكنه عرقلة أداء الرئيس عبر التشريعات والتحقيقات وحدها، وإنما عبر تأليب الرأى العام الأمريكى ضد سياساته. وأثبتت الدراسات أن نجاح الكونجرس فى تأليب الرأى العام ضد الرئيس يكون أكثر فاعلية حين يقوده أعضاء حزب الرئيس، لا الحزب المعارض له، تماما كما هو الحال الآن.
وطريقة إدارة ترامب لعلاقته بالجمهوريين لم تختلف كثيرا فى مفاوضات الميزانية التى أدى انهيارها لإغلاق الحكومة الفيدرالية أبوابها. فقبل ساعات من انهيار المفاوضات، التقى ترامب بحلفائه الجمهوريين بمجلس الشيوخ، ولكنه لم يقدم لهم رؤية واضحة بشأن خياراته ولا الحد الأدنى الذى سيقبله فى التفاوض مع الحزب الآخر، وإنما أصر فقط على ضرورة تمويل إنشاء الجدار العازل على الحدود مع المكسيك، ودعاهم لتغيير إجراءات المجلس لتمرير التمويل دون أصوات الديمقراطيين أصلا. فخرج الجمهوريون من اللقاء وهو يدركون أن البيت الأبيض لا يملك أصلا استراتيجية للتفاوض، ولا الرئيس معنى بالتوصل لحل توفيقى.
وعلاقة ترامب بحلفائه فى الداخل ستكون هى الأكثر تأثيرا فى 2019. فمع تولى الديمقراطيين الأغلبية بمجلس النواب، وقرب انتهاء المحقق الخاص روبرت مولر من إعداد تقريره، ستكون حاجة الرئيس لأغلبية حزبه بمجلس الشيوخ أكبر بكثير من أى وقت مضى من أجل تنفيذ أجندته أو لدعمه ضد إجراءات عزله.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع