توقيت القاهرة المحلي 01:38:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل هى إعادة كتابة لتاريخ أمريكا؟

  مصر اليوم -

هل هى إعادة كتابة لتاريخ أمريكا

بقلم : منار الشوربجي

  نصب تذكارى ومتحف جديد تم افتتاحهما بولاية ألاباما الأمريكية، بجهود جمعية أهلية للسود، يعيدان كتابة تاريخ الولايات المتحدة بشكل أكثر واقعية. فهما يؤرخان لصفحة مريرة ومسكوت عنها لحد كبير فى التاريخ الأمريكى واستمرت حتى منتصف القرن العشرين. فمن بين الجرائم التى كانت ترتكب فى حق السود الجريمة التى صارت معروفة باسم «لينش». و«لينش» باللغة الإنجليزية هو الشنق دون محاكمة. لكن الجريمة كانت أبشع حتى من ذلك. فكانت مجموعات من البيض تشرع فى قتل أسود أو مجموعة من السود عبر تعليقهم على الأشجار أو الجسور ويتجمعون حولهم «ويستمتعون» برؤيتهم فى ذلك الوضع حتى الموت! ولم يكن أولئك البيض «يستمتعون» فقط بالفرجة وانما يسهمون فى رفع معاناة الضحايا عبر تعذيبهم ورجمهم، وكثيرا ما كانوا يحرقونهم أحياء. والمبرر الذى كان هؤلاء يزعمونه وقتها أن الضحية تحدى النظام الاجتماعى، الذى فرضه البيض. والبيض طبعا كانوا القاضى والجلاد. فما كانوا يعتبرونه «تحديا» كان من قبيل أن رجلا أسود اصطدم دون قصد بسيدة بيضاء بينما يركضان للحاق بالقطار، أو أن أسود طرق منزلا للبيض معتقدا أنه المكان الذى يقصده. أما رسميا، وحتى فى بعض كتب التاريخ التى كتبها البيض، بطبيعة الحال، فكان الزعم هو أن الأهالى يعاقبون السود لأنهم يغتصبون النساء البيض. لكن ما يثبت كذب ذلك الادعاء أن النساء السود كن أيضا ممن يتعرضن لتلك الجريمة بل وكان الأطفال السود أيضا من الضحايا.

وتلك الصفحة مسكوت عنها لحد كبير، لأسباب عبّر عنها القس الأسود جيسى جاكسون بقوله: «البيض لا يتحدثون عن ذلك الموضوع شعورا بالعار، والسود لا يطرقونه بسبب الخوف». ومن هنا كانت أهمية المبادرة التى قامت بها الجمعية الأهلية السوداء، «مبادرة المساواة فى العدل»، التى كانت وراء إنشاء النصب والمتحف. فالجمعية جندت فريقا من الباحثين اجتهدوا على مدى أعوام حتى نجحوا فى توثيق ما جرى لأكثر من 4 آلاف ضحية فى الفترة من 1877 و1950 فى ولايات الجنوب الأمريكى. وهو قام بالتوثيق لتلك الحالات بأسمائها ومكان ووقائع قتلها، لأول مرة فى التاريخ الأمريكى، فهى مسألة ليست سهلة بسبب الصمت المطبق حول الموضوع مما استدعى بحثا ميدانيا واسعا فضلا عن التفتيش فى الصحف القديمة لكل مقاطعة لأنها كثيرا ما كانت تعلن عن حالة شنق تدعو لها الجمهور!.

واختيار مدينة مونتجمرى بولاية ألاباما موقعا للنصب والمتحف لم يكن مصادفة. فالمدينة شهدت فصولا مختلفة لتاريخ السود بدءا بمعاناتهم زمن العبودية والفصل العنصرى، وصولا للمنعطفات المهمة فى تاريخ حركة الحقوق المدنية. أما الهدف من إنشاء النصب والمتحف فيقول برايان ستيفنسون، خريج هارفارد، الذى أسس «مبادرة المساواة فى العدل»، إن البحث عن الحقيقة وتوثيقها كان الهدف الأول والذى بدونه يستحيل أن تلتئم جراح الماضى. وهو يأمل أن يكون توثيق «الحقيقة» هو الخطوة الأولى نحو طى صفحة الماضى بين السود والبيض، على غرار ما حدث فى جنوب أفريقيا بعد جريمة الأبارتيد، وفى رواندا بعد جرائم الإبادة الجماعية، بل وفى ألمانيا بعد جريمة الهولوكست. وهو بالمناسبة ما كان يطمح له زعيم حركة الحقوق المدنية نفسه مارتن لوثر كينج، واعتبره الهدف النهائى من وراء الحركة نفسها، الأمر الذى يجعل بناء المتحف والنصب التذكارى امتدادا لكفاح حركة الحقوق المدنية.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل هى إعادة كتابة لتاريخ أمريكا هل هى إعادة كتابة لتاريخ أمريكا



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 09:51 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

أنواع مختلفة من الفساتين لحفلات الزفاف

GMT 06:29 2015 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

قضية فرخندة مالك زادة تفضح ظلم القضاء الأفغاني للمرأة

GMT 19:55 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنانة فاتن الحناوي بسبب إصابتها بفشل كلوي

GMT 03:38 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة التخطيط تؤكد أن 5000 فدان في الفرافرة جاهزين للزراعة

GMT 22:33 2016 الجمعة ,18 آذار/ مارس

طريقة عمل البوظة السورية

GMT 09:56 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

توقيع رواية "ودارت الأيام" في بيت السناري

GMT 12:56 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

Snapchat سيتيح للمستخدمين قريبا تغيير "اسم المستخدم" الخاص بهم

GMT 06:41 2021 السبت ,19 حزيران / يونيو

الأرجنتين يتخطى عقبة أوروجواي بهدف نظيف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon