توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل هى إعادة كتابة لتاريخ أمريكا؟

  مصر اليوم -

هل هى إعادة كتابة لتاريخ أمريكا

بقلم : منار الشوربجي

  نصب تذكارى ومتحف جديد تم افتتاحهما بولاية ألاباما الأمريكية، بجهود جمعية أهلية للسود، يعيدان كتابة تاريخ الولايات المتحدة بشكل أكثر واقعية. فهما يؤرخان لصفحة مريرة ومسكوت عنها لحد كبير فى التاريخ الأمريكى واستمرت حتى منتصف القرن العشرين. فمن بين الجرائم التى كانت ترتكب فى حق السود الجريمة التى صارت معروفة باسم «لينش». و«لينش» باللغة الإنجليزية هو الشنق دون محاكمة. لكن الجريمة كانت أبشع حتى من ذلك. فكانت مجموعات من البيض تشرع فى قتل أسود أو مجموعة من السود عبر تعليقهم على الأشجار أو الجسور ويتجمعون حولهم «ويستمتعون» برؤيتهم فى ذلك الوضع حتى الموت! ولم يكن أولئك البيض «يستمتعون» فقط بالفرجة وانما يسهمون فى رفع معاناة الضحايا عبر تعذيبهم ورجمهم، وكثيرا ما كانوا يحرقونهم أحياء. والمبرر الذى كان هؤلاء يزعمونه وقتها أن الضحية تحدى النظام الاجتماعى، الذى فرضه البيض. والبيض طبعا كانوا القاضى والجلاد. فما كانوا يعتبرونه «تحديا» كان من قبيل أن رجلا أسود اصطدم دون قصد بسيدة بيضاء بينما يركضان للحاق بالقطار، أو أن أسود طرق منزلا للبيض معتقدا أنه المكان الذى يقصده. أما رسميا، وحتى فى بعض كتب التاريخ التى كتبها البيض، بطبيعة الحال، فكان الزعم هو أن الأهالى يعاقبون السود لأنهم يغتصبون النساء البيض. لكن ما يثبت كذب ذلك الادعاء أن النساء السود كن أيضا ممن يتعرضن لتلك الجريمة بل وكان الأطفال السود أيضا من الضحايا.

وتلك الصفحة مسكوت عنها لحد كبير، لأسباب عبّر عنها القس الأسود جيسى جاكسون بقوله: «البيض لا يتحدثون عن ذلك الموضوع شعورا بالعار، والسود لا يطرقونه بسبب الخوف». ومن هنا كانت أهمية المبادرة التى قامت بها الجمعية الأهلية السوداء، «مبادرة المساواة فى العدل»، التى كانت وراء إنشاء النصب والمتحف. فالجمعية جندت فريقا من الباحثين اجتهدوا على مدى أعوام حتى نجحوا فى توثيق ما جرى لأكثر من 4 آلاف ضحية فى الفترة من 1877 و1950 فى ولايات الجنوب الأمريكى. وهو قام بالتوثيق لتلك الحالات بأسمائها ومكان ووقائع قتلها، لأول مرة فى التاريخ الأمريكى، فهى مسألة ليست سهلة بسبب الصمت المطبق حول الموضوع مما استدعى بحثا ميدانيا واسعا فضلا عن التفتيش فى الصحف القديمة لكل مقاطعة لأنها كثيرا ما كانت تعلن عن حالة شنق تدعو لها الجمهور!.

واختيار مدينة مونتجمرى بولاية ألاباما موقعا للنصب والمتحف لم يكن مصادفة. فالمدينة شهدت فصولا مختلفة لتاريخ السود بدءا بمعاناتهم زمن العبودية والفصل العنصرى، وصولا للمنعطفات المهمة فى تاريخ حركة الحقوق المدنية. أما الهدف من إنشاء النصب والمتحف فيقول برايان ستيفنسون، خريج هارفارد، الذى أسس «مبادرة المساواة فى العدل»، إن البحث عن الحقيقة وتوثيقها كان الهدف الأول والذى بدونه يستحيل أن تلتئم جراح الماضى. وهو يأمل أن يكون توثيق «الحقيقة» هو الخطوة الأولى نحو طى صفحة الماضى بين السود والبيض، على غرار ما حدث فى جنوب أفريقيا بعد جريمة الأبارتيد، وفى رواندا بعد جرائم الإبادة الجماعية، بل وفى ألمانيا بعد جريمة الهولوكست. وهو بالمناسبة ما كان يطمح له زعيم حركة الحقوق المدنية نفسه مارتن لوثر كينج، واعتبره الهدف النهائى من وراء الحركة نفسها، الأمر الذى يجعل بناء المتحف والنصب التذكارى امتدادا لكفاح حركة الحقوق المدنية.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل هى إعادة كتابة لتاريخ أمريكا هل هى إعادة كتابة لتاريخ أمريكا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon