توقيت القاهرة المحلي 07:35:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

احتجاجات أمريكا ودلالاتها

  مصر اليوم -

احتجاجات أمريكا ودلالاتها

بقلم - منار الشوربجي

لم يفاجئنى رد الفعل القمعى للسلطات الأمريكية، بما فيها البيت الأبيض والكونجرس، ضد الاحتجاجات المناصرة لغزة بالجامعات الأمريكية. فمن يلق نظرة على التاريخ الأمريكى، يجد أن ما جرى هو القاعدة لا الاستثناء. والخطاب السياسى للسلطات الأمريكية اليوم هو ذاته الخطاب الذى تبنته تجاه الاحتجاجات والاعتصامات على مدار تاريخها. بل إن المفردات المستخدمة اليوم هى نفسها التى استخدمت تاريخيا، بما فى ذلك مفردات بايدن نفسه، والتى تبناها، بالمناسبة، طوال تاريخه السياسى.

ولنأخذ مثلا ما جاء على لسان بايدن بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا. صحيح أن الرجل استخدم مصطلحى «القانون» «والنظام العام» كل بمفرده، إلا أن عبارة «النظام العام والقانون» ظلت ذريعة محورية لم يكف الزعماء الأمريكيون عن استخدامها ضد الاحتجاجات، بدءا بحركة الحقوق المدنية ومرورا بحرب فيتنام، وحركة «احتلوا وول ستريت» وصولا لحركة «حياة السود مهمة». وقد كررها بايدن بتركيبات لغوية مختلفة طوال الخطاب. فهو بعد أن قال إن «الاحتجاجات السلمية من تقاليدنا الراسخة»، أضاف «لكننا لسنا دولة بلا قانون... ويتحتم أن يسود النظام العام»، مضيفا «ليس لأحد الحق فى خلق الفوضى». وما هى إلا لحظات حتى قال «يتحتم ألا تقود (الاحتجاجات) أبدا لانتهاك النظام العام». «والفوضى» «وانتهاك القانون والنظام العام» اتهامات وجهت لمارتن لوثر كنج أثناء احتجاجات حركة الحقوق المدنية التى تبنت تكتيكات العصيان المدنى السلمى، بالضبط كما فعل طلاب الجامعات الأمريكية الأسابيع الماضية. وقد خلط بايدن بين «العنف» والتعطيل السلمى «للأنشطة اليومية»، رغم أن «التعطيل» هو أحد تكتيكات العصيان المدنى التى استخدمها مارتن لوثر كنج، الذى صارت أمريكا الرسمية تعتبره، بعد اغتياله لا قبله، بطلا عظيما!، وكنج اتُهم هو الآخر «بخرق القانون» وتهديد «النظام العام»، مثلما اتهم بهما طلاب الجامعات وأساتذتها فى أوج احتجاجات حرب فيتنام. وهو الاتهام الرئيسى اليوم.

أكثر من ذلك، فإن نزع الشرعية عن الاحتجاجات الطلابية الحالية عبر اتهامها، من جانب أعضاء الكونجرس وإدارات بعض الجامعات والشرطة الأمريكية، بأن وراءها «محرضين من خارج» الجامعات، هى المفردات ذاتها التى استخدمت عبر التاريخ الأمريكى حتى إن مارتن لوثر كنج فى خطابه الشهير الذى كتبه من سجن برمنجهام شرح باستفاضة عبثية ذلك الاتهام فقال عبارته الشهيرة «الظلم فى مكان تهديد للعدل فى كل مكان»، مضيفا أن مسألة «المحرض الخارجى» تلك لا معنى لها «فأى شخص يعيش داخل الولايات المتحدة لا يجوز اعتباره أبدا خارجيا فى أى مكان داخل حدودها». أما وصف الطلاب «بالوحوش»، كما فعلت نائبة بالمجلس التشريعى لنيويورك، فهو أيضا ليس جديدا، إذ استُخدم ضد حركة «حياة السود مهمة». ووصف المحتجين على المظالم بالوحوش من المفردات ذات الدلالات العنصرية، ويستخدم عادة ضد غير البيض. وطلاب أمريكا اليوم، بمن فى ذلك البيض منهم، يتحولون «لوحوش» فى الخطاب الأمريكى، عندما يدافعون عن شعوب ليست بيضاء كالشعب الفلسطينى اليوم، وشعب فيتنام فى الستينيات. فطلاب اليوم «وحوش» وفق مزاعم تتهمهم «بتعريض حياة زملائهم اليهود للخطر»، رغم أنهم لم يستخدموا العنف مطلقا، حتى إن شرطة نيويورك نفسها اعترفت بأن 99% من احتجاجاتهم «كانت سلمية بالكامل»، بل إن احتجاجات اليوم أكثر سلمية بما لا يقارن بأحداث الستينيات.

غير أن المسألة الأهم على الإطلاق هى أن السبب الجوهرى وراء قمع السلطات الأمريكية لتلك الاحتجاجات فى الماضى والحاضر هو أنها تعلم جيدا أن التحولات الكبرى لم تحدث، على مدار التاريخ الأمريكى، إلا عبر الحركات الاجتماعية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احتجاجات أمريكا ودلالاتها احتجاجات أمريكا ودلالاتها



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon