بقلم - منار الشوربجي
الصحفى اليهودى الأمريكى ماكس بلومنثال، صحفى استقصائى من أصحاب الضمائر الحية، أخذ على عاتقه فضح أكاذيب الاحتلال التى يهدف من ورائها ليس فقط تبرير الإبادة الجماعية وإنما أيضا كسب الرأى العام الغربى وابتزاز حكوماته وأفراده للحصول على تبرعات بالمليارات. وهو، فى فضحه لتلك الأكاذيب، يفضح أيضا حكومة بلاده التى تردد حرفيا تلك الأكاذيب، بل ويدين الصحافة الغربية الذى تحذف الأكاذيب ببساطة، عند ثبوت زيفها، دون اعتذار للقارئ عن عدم التحقق قبل النشر!.
وبلومنثال كان أول من كشف زيف حكاية قطع رؤوس الأطفال الإسرائيليين التى نقلها بايدن حرفيا، فاضطر البيت الأبيض للتراجع والاعتراف بأن الرئيس لم ير صورا للأطفال، كما زعم، وإنما «اعتمد على ما قاله المتحدث باسم نتنياهو وتقارير الإعلام الإسرائيلى»!، ويقول بلومنثال إن تلك القصة نقلها نتنياهو وإعلامه عن إسرائيلى واحد فقط مشكوك فى مصداقيته.
متطوع فى منظمة للحريديم تعمل فى مجال نقل الجثث، ولها تاريخ مشبوه أصلا وتلهث وراء أموال الأثرياء اليهود خصوصا فى أمريكا. وبلومنثال فضح قصة أخرى نقلها بالحرف وزير الخارجية الأمريكى فى جلسة استماع بمجلس الشيوخ، ليبرر رفض الإدارة لوقف إطلاق النار فى غزة. والقصة التى رواها تقول إن أسرة إسرائيلية كانت تتناول الإفطار حين اقتحمت حماس المنزل يوم 7 أكتوبر «فاقتلعوا عين الأب وقطعوا ثدى الأم أمام طفليهما.
أما الطفل، 6 سنوات، فقد قطعوا إصبعه، بينما بتروا قدم الطفلة، 8 سنوات، ثم قتلوا الأربعة». وأضاف وزير الخارجية بصوت مؤثر «هذا هو ما يتعامل معه المجتمع الإسرائيلى».
وقد تبين أن الرجل الإسرائيلى مصدر قصة قطع رؤوس الأطفال الملفقة هو نفسه مصدر قصة الأسرة المزعومة، بينما لا يوجد مصدر واحد غيره لتلك القصة المختلقة من أساسها. أكثر من ذلك، فقد زعم ذلك الرجل أن قصة الأسرة جرت فى كيبوتز تقول الإحصاءت الرسمية الإسرائيلية إنه لم يقتل فيه أطفال فى ذلك العمر. وأن الأقرب عمرا لتلك الأعمار كان توأمين فى الثانية عشرة قتلا فى قصف لدبابة إسرائيلية. والرجل الإسرائيلى ذاته هو مصدر قصة المرأة الإسرائيلية ذات الثلاثين ربيعا التى زعم العثور عليها «وقد بقر مقاتلو حماس بطنها واقتلعوا الجنين منه فظل معلقا بالحبل السرى فى جسد الأم قبل قتلها بالرصاص».
ويقول بلومنثال إن المنطقة التى زعم الرجل أنه وجد السيدة فيها لم تسجل موت أى سيدة فى هذا العمر، ناهيك عن عدم وجود سيدات حبليات أصلا بين كل من قتلوا يوم 7 أكتوبر، وفق الإحصاءات الرسمية الإسرائيلية!، ويضيف الصحفى أن المنظمة التى يعمل فيها الرجل نجحت عقب العدوان على غزة فى الحصول على أكثر من 3 ملايين دولار من التبرعات.
أما الإعلام الذى ينقل بأريحية عن تلك المصادر دون تحقق، فقد تبين أنه نقل حرفيا قصة تزعم قتل حماس للإسرائيليين الذين كانوا يحضرون مهرجانا غنائيا فى غلاف غزة. وهى القصة المختلقة التى كان بلومنثال قد فضحها قبلا اعتمادا على وثائق الشرطة الإسرائيلية، وهاجمته وقتها صحيفة «ها آريتز» الإسرائيلية قبل أن تعترف مؤخرا بأن القوات الإسرائيلية هى التى قتلتهم لتقتل الفلسطينيين الذين كانوا يحتجزونهم. أما قصص الاغتصاب المزعوم للنساء الإسرائيليات، فقد قامت الواشنطن بوست بحذفها بهدوء بعد أن كانت نقلتها على لسان وزير الدفاع الإسرائيلى دون أى مصدر آخر!.
ورغم فضح كل تلك الأكاذيب وغيرها التى تهدف لنزع الإنسانية عن الفلسطينيين، لا يزال الغرب، مسؤولين وإعلاما، يرددها لأسباب لا تحتاج لتعليق.