بقلم - منار الشوربجي
لعلها المرة الأولى فى التاريخ الأمريكى التى تغدو فيها القضية الفلسطينية مرشحة لأن تلعب دورًا حاسمًا فى انتخابات الرئاسة. وهناك بالفعل قلق بالحزب الديمقراطى من أن تفاقم القضية من مأزق بايدن الانتخابى. فشعبية الرئيس فى أدنى مستوياتها. ففى آخر استطلاعات الرأى الشهر الحالى، انخفضت شعبية بايدن إلى (33%) بفارق خمس نقاط عن شهر سبتمبر الماضى.
وفى الوقت نفسه، يؤيد ثلاثة أرباع ناخبى حزبه الوقف «الفورى» لإطلاق النار فى غزة، والذى لايزال بايدن يرفضه حتى كتابة هذه السطور. الأخطر من هذا وذاك أن قطاعات حسمت انتخابات 2020 لصالحه ترفض بشدة موقفه من غزة.
فليس جديدًا الإشارة إلى أن بايدن قد استعدى الشباب بسبب دعمه المطلق لإسرائيل واستمرار تدفق السلاح الأمريكى لها، ورفضه وقف إطلاق النار. وقطاع الشباب لعب دورًا محوريًا فى حسم نتيجة الانتخابات الرئاسية لصالح بايدن عام 2020، ليس فقط عبر التصويت وإنما أيضًا عبر العمل الطوعى الذى كان يهدف لهزيمة ترامب الذى وجدوا فى إعادة انتخابه دعمًا للعنصرية وتهديدًا لمستقبل الديمقراطية فى بلادهم.
وقطاعات من التقدميين والأقليات، فى حزب الأقليات، ترفض أيضًا موقف الإدارة البائس مما يتعرض له المدنيون فى غزة. والحقيقة أن بايدن فاز بأصوات السود تحديدًا، والأقليات عمومًا، فى 2020. وعشرات من منظمات الأمريكيين العرب والمسلمين أعلنت أنها لن تدعم الرجل فى 2024. وأصواتهم تلعب دورًا حاسمًا فى توفير الهامش البسيط للفوز فى ولايات حيوية، مثل ميتشجان وبنسلفانيا.
والذى لا يقل أهمية عن كل ذلك أن قطاعات واسعة من الاتحادات المهنية والعمالية، التى تلعب دورًا حاسمًا فى فوز الديمقراطيين بكافة المناصب الفيدرالية، اتخذت مواقف داعمة لغزة ومطالبة بوقف فورى لإطلاق النار، بل وبعضها راح يطالب بالوقوف ضد بايدن فى الانتخابات.
فعلى سبيل المثال، كان اتحاد عمال الكهرباء أول اتحاد أمريكى يعلن دعمه لغزة ويطالب بوقف الدعم العسكرى لإسرائيل. وهو موقف اتخذه قبل حتى الاقتحام الإسرائيلى البرى لغزة. وقد تلاه اتحاد عمال البريد، ثم اتحاد عمال الخدمات، فضلًا عن اتحاد عمال الشحن البحرى فى كاليفورنيا.
أما اتحاد عمال السيارات، الذى كان بايدن قد دعمه بقوة فى إضراباته العام الماضى، فيواجه اليوم، بعدما أعلن أنه يؤيد بايدن فى الانتخابات، احتجاجات داخلية قوية من جانب قطاع معتبر يرفض موقف بايدن من غزة. وللأمانة فإن الاتحاد كان قد طالب مرات متكررة طوال الأشهر الماضية بوقف إطلاق النار، بل وحين ألقى فيه بايدن مؤخرًا خطابًا قاطعه أعضاء رافضون لموقفه، وطالبوه بوقف دعمه العسكرى لإسرائيل.
أكثر من ذلك، فاتحاد المدرسين الأمريكيين، الذى كان قد أعلن تأييده لبايدن للرئاسة فى إبريل الماضى، تتنامى فيه الدعوات لسحب ذلك التأييد بسبب دعم الأخير المطلق لإسرائيل. وقامت بعض فروع الاتحاد المحلية بإصدار بيانات تدعو لوقف إطلاق النار. وكانت رئيسة الاتحاد قد أعلنت بنفسها ضرورة وقف إطلاق النار منذ ديسمبر الماضى.
ومواقف كل تلك القطاعات الجوهرية لانتخاب الديمقراطيين تفاقم مأزق بايدن الانتخابى، الذى يتقدم عليه ترامب فى استطلاعات الرأى. والحقيقة أن أيًا من تلك القطاعات لن تمنح أصواتها لترامب ولكن بإمكانها إلحاق الهزيمة ببايدن عبر الإحجام عن التصويت. لذلك برزت فى الحزب الديمقراطى دعوات، لاتزال خجولة، تطالب بضرورة البحث عن مرشح ديمقراطى آخر بدلًا من بايدن!