توقيت القاهرة المحلي 06:15:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإبادة الجماعية «والكلام الساكت»!

  مصر اليوم -

الإبادة الجماعية «والكلام الساكت»

بقلم - منار الشوربجي

الإبادة الجماعية التى تحدث فى غزة على مرأى ومسمع من العالم تتفوق على سابقاتها فى التاريخ الإنسانى من حيث المدى الذى وصلت إليه إسرائيل فى الإفصاح علنًا عن نواياها. وأهمية تلك المسألة أن عقاب تلك الجريمة بالقانون الدولى يتطلب إثبات تعمد الإبادة، وهو الأكثر صعوبة. وساسة إسرائيل وإعلامها يُفصحون علنًا عن أن النية المبيتة هى إبادة الفلسطينيين.

والإبادة الجماعية جريمة يعرفها القانون الدولى بأنها «تدمير جماعة وطنية أو إثنية أو عرقية أو دينية تدميرًا كليًا أو جزئيًا». وفى كل وقائع الإبادة تاريخيًا تكون الخطوة الأولى هى نزع الإنسانية عن الجماعة المستهدفة تمهيدًا لإبادتها. وهو ما حدث بوضوح فى حالة غزة. فاستخدام وزير الدفاع الإسرائيلى تعبير «الحيوانات البشرية» لم يكن عشوائيًا وإنما كان مختارًا بعناية.

فـ«جالانت»، كيهودى، يعرف يقينًا أن مثل تلك المفردات هى ذاتها التى استخدمها النازيون فى ألمانيا لنزع الإنسانية عن اليهود، ويعرف لماذا استخدموها. ولذلك ربط «جالانت» الاثنين فقال نصًا: «هم حيوانات بشرية وسنتصرف بناء على ذلك»، معلنًا الحصار الشامل لغزة «بدون كهرباء، بدون طعام، بدون ماء، وبدون وقود»، وهو ما يعنى بالضرورة «التدمير الكلى أو الجزئى» حسب العهد الدولى للإبادة الجماعية، الصادر عام 1948، والذى ينص فى تعريفه للإبادة الجماعية على أنها «الفرض العمدى لظروف حياتية تؤدى للتدمير الكلى أو الجزئى» لتلك الجماعة البشرية.

ولتبرير الإبادة قدم الرئيس الإسرائيلى «وثيقة» قال إنها تثبت أن حماس قادرة على إنتاج السلاح الكيماوى، ثم تبين أنها صفحة منقولة من كتاب عن تنظيم القاعدة منشور على الإنترنت، تمامًا مثل قصة قطع رؤوس 40 طفلًا إسرائيليًا، التى ثبت أنها مزيفة وتهدف لشيطنة الفلسطينيين لتبرير إبادتهم. والإعلام الإسرائيلى يستخدم يوميًا مفردات من نوع «محو» غزة، «وتسويتها» بالأرض. ودعا ذلك الإعلام المجرم «لتحويل غزة إلى درسدن»، المدينة الألمانية التى سواها الحلفاء بالأرض فى الحرب العالمية الثانية، ومات فيها أكثر من 25 ألف شخص.

وبالمناسبة، استخدم الحلفاء وقتها 2700 طن من المتفجرات و800 قنبلة لمحو المدينة، بينما أعلنت إسرائيل فى الأسبوع الأول وحده من حربها على غزة أنها ألقت 6 آلاف قنبلة، ومع نهاية الشهر الأول وحده كانت قد ألقت 25 ألف طن من المتفجرات. ومع نهاية الشهر الثالث وصل الرقم إلى 65 ألف طن. وقد قدر بعض الخبراء ما ألقته إسرائيل على غزة بما يعادل ثلاث قنابل ذرية بحجم تلك التى استخدمت فى هيروشيما.

هذا فضلًا عن استخدام الأسلحة المحرمة دوليًا، ومنها الفوسفور الأبيض المدمر للبشر والبنية التحتية. وإلى جانب الإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل فى غزة، فإنها ترتكب جرائم بالجملة فى الضفة والقدس، ثم تزعم أنها الضحية الأبدية بلا منازع فى العالم. وإسرائيل هى الدولة الوحيدة فى هذا العالم التى بإمكانها قصف أكثر من دولة فى وقت واحد ثم لا تتعرض لأى عقاب.

لكن إسرائيل لم يكن بمقدورها أن تفعل أيًا من ذلك وحدها. ففى كلمات صريحة للواء سابق فى الجيش الإسرائيلى، يدعى إسحق بريك، قال إن «كل صواريخنا وطائراتنا وقنابلنا وذخائرنا من الولايات المتحدة.. وفى اللحظة التى تغلق فيها (أمريكا) الصنبور لن يكون بإمكانك مواصلة الحرب.. الكل يعرف أننا لا يمكننا خوض هذه الحرب دون الولايات المتحدة».

لذلك فإن أفضل وصف لكل حرف نطق به وزير الخارجية الأمريكى فى جولته الحالية فى المنطقة هو أنه «كلام ساكت»، كما يقول السودانيون.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإبادة الجماعية «والكلام الساكت» الإبادة الجماعية «والكلام الساكت»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon