توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوكرانيا وأولويات البشرية

  مصر اليوم -

أوكرانيا وأولويات البشرية

بقلم - منار الشوربجي

الضحايا المدنيون الذين يعيشون مأساة الغزو الروسى لأوكرانيا لن يكونوا وحدهم ضحايا الحرب الدائرة اليوم. فتداعيات الحرب ستسفر على المدى الأطول نسبيا عن ضحايا مدنيين آخرين بالملايين في كل مكان بالعالم. فبغض النظر عما سيؤول إليه الصراع الدائر في أوكرانيا، فإن المواجهات بين روسيا والصين من ناحية وأمريكا وأوروبا من ناحية أخرى ستجعل فرص التعاون الدولى الحقيقى بعيدة المنال، على الأقل في المستقبل المنظور. وهو التعاون الذي يتحتم وجوده لمواجهة كارثة المناخ التي تستعصى على الحل بعد ذلك الأمد المنظور ذاته!.
ففى الشهرين الأخيرين وحدهما، أصدرت الأمم المتحدة تقريرين يجسدان حجم الكارثة المناخية التي يقدم عليها كوكب الأرض. ففى تقرير صدر في فبراير، قال إن الاحتباس الحرارى قد وصل لـ «نقطة اللاعودة»، وإنه بالفعل بات في مستويات لا يحتملها البشر في مواقع كثيرة من العالم. ومعالجة قضية المناخ مستحيلة دون تعاون دولى، لأنها تتطلب تخصيص إمكانات علمية ومادية هائلة من أجل إيجاد مصادر طاقة نظيفة وإعادة رسم المناطق المأهولة وبنيتها التحية للتأقلم مع تغير المناخ، وخلق وظائف بديلة للذين ارتبطت مهنهم بالانبعاثات الحرارية، وتحتاج الدول النامية، ناهيك عن المتقدمة، ما لا يقل عن 100 مليار دولار لمساعدتها على مثل ذلك التأقلم.

وبينما الحرب الدائرة في أوروبا تستحوذ على الاهتمام العالمى، كانت هناك أحداث تدق أجراس الخطر لمن يريد أن يسمعها. فالفيضانات التي غمرت جنوب العالم كانت أشد وطأة بكثير في جنوب إفريقيا منها في أستراليا الأكثر تقدمًا، حيث راح ضحيتها المئات وأدت لتشريد عشرات الآلاف. ويتزامن مع ذلك فقدان المزارعين في كينيا والصومال محاصيلهم ومعها قطعان كاملة من الماشية بسبب موسم الجفاف الطويل، وما يعنيه ذلك من فقر وجوع ومرض.

وتشير التقارير الدولية إلى أن مئات الآلاف في شرق إفريقيا برمتها على شفا المجاعة ويعانون الفقر المدقع. أكثر من ذلك، تشير التقارير الدولية إلى أن واحدًا من بين كل ثمانية أشخاص يعانى الجوع في مكان ما من هذا العالم بسبب ندرة الغذاء.. لكن حالة جنوب إفريقيا ربما تجسد أكثر من غيرها الدور الحيوى للتعاون الدولى الذي بدونه يستحيل مواجهة الكوارث الناتجة عن تغير المناخ. فقد استطاعت النماذج العلمية التي صممتها مراكز البحوث الأوروبية التنبؤ بفيضانات جنوب إفريقيا قبل حدوثها بأيام، بينما فشل في ذلك النموذج الذي صممته جنوب إفريقيا.. معنى ذلك أن إنقاذ حياة البشر بات رهن التعاون الدولى الحقيقى وليس فقط بين الحكومات لإعادة تصميم المدن وهياكلها، وإنما بين مراكز البحوث والجامعات التي تملك المعلومات والبيانات الأدق.

والحقيقة أن آثار كارثة المناخ لا تتوقف فقط على المجاعات والأمراض والانهيار الاقتصادى، لأنها ستجعل مناطق بأكملها، خصوصا في جنوب العالم الفقير، غير قابلة لحياة الإنسان، مما يعنى هجرات جماعية للشمال بدأت بالفعل بأمريكا اللاتينية وإفريقيا.

والتنظيمات العنصرية المتطرفة بأوروبا وأمريكا تستخدم أصلًا قضية الهجرة لتجنيد المزيد من الأتباع، حتى صارت أكثر قوة بكثير في العقد الأخير. فقد صار لها، مثلا، وجود معتبر بالكونجرس الأمريكى، قد يحظى بالأغلبية في نوفمبر.

وبغض النظر عن نتيجة الانتخابات الرئاسية الفرنسية، فإن أهم ما أسفرت عنه هو أن خطاب مارى لوبان المتطرف لم يعد على هامش الحياة السياسية وإنما في قلبها أكثر من أي وقت مضى. وصعود تيار العنصرية بالشمال معناه المزيد من القضاء على فرص التعاون بشأن المناخ وغيره، وكأننا ندور في حلقة مفرغة لا فكاك منها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوكرانيا وأولويات البشرية أوكرانيا وأولويات البشرية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon