بقلم: منار الشوربجي
التيار التقدمى بالحزب الديمقراطى هو عدو إسرائيل الأول بأمريكا. تلك هى محصلة ما يجرى اليوم من حملة شرسة يشنها لوبى إسرائيل فى واشنطن ضد رموز التيار فى الحملة الانتخابية الحالية. فلأن الاستقطاب السياسى الحاد جعل أغلب الدوائر الانتخابية شبه محسومة لصالح أحد الحزبين، فقد باتت الانتخابات التمهيدية، أى التى تُجرى بين مرشحى الحزب نفسه، أكثر أهمية بكثير من ذى قبل. والاقتراع العام للانتخابات التشريعية سيجرى فى نوفمبر القادم. إلا أن المرحلة التمهيدية جارية اليوم فى مختلف الولايات، لكل مقاعد مجلس النواب وثلث مقاعد مجلس الشيوخ. وفى هذه الحملة يشن لوبى إسرائيل حملة ضارية ضد رموز التيار التقدمى من الأعضاء والمرشحين الجدد، الذين أعلنوا ذات يوم دعمهم لحقوق الفلسطينيين أو حتى لحل الدولتين.ولا جديد فى أن يلعب لوبى إسرائيل دورًا مهمًا فى الانتخابات التمهيدية، ولا يوجد حتى جديد فى استهداف اللوبى للتيار التقدمى الأمريكى الذى ظلت رموزه دومًا الأكثر دعمًا للقضية الفلسطينية. لكن الجديد يتعلق بالكم والكيف.
فمن حيث الكم، فإن عدد المرشحين الذين يستهدفهم لوبى إسرائيل أكبر بكثير من أى وقت مضى. ففى سنوات ماضية، كانت تلك الظاهرة تبرز فى حملة أو اثنتين كل عدة سنوات. أما هذا العام فالعدد يُقاس بالعشرات. لكن المسؤول عن ذلك الكم ليس لوبى إسرائيل وإنما تنامى قوة ذلك التيار داخل الحزب الديمقراطى. فرغم أن جل قيادات الحزب فى المجلسين تنتمى للتيار الليبرالى إلا أن قواعد الحزب الرئيسية، الأكثر ميلًا للتيار التقدمى، استطاعت خلال الأعوام القليلة الماضية أن تدفع لمقاعد الكونجرس بعدد لا بأس به من الأعضاء صار لهم تأثير مهم رغم أنهم لا يمثلون أغلبية أعضاء الكونجرس. وقد صار أولئك الأعضاء ينتقدون الاحتلال علنًا بل ويرفضون منح المساعدات غير المشروطة لإسرائيل، ويصرون على ربطها بوقف الاستيطان بالأرض المحتلة. ورغم أن أصوات أولئك الأعضاء لا تحسم نتيجة التصويت لأنهم لا يمثلون الأغلبية، إلا أن لوبى إسرائيل يرفض مجرد التعبير عن رؤية مختلفة غير تلك التى تدعم إسرائيل بلا قيد أو شرط. ومن هنا، لم يستهدف اللوبى فقط النائبات التقدميات اللائى يطلق عليهن «الكتيبة»، وإنما غيرهن من التقدميين، بل والنائب اليهودى أندى ليفين الليبرالى المؤيد لإسرائيل لأنه يؤيد حل الدولتين!
أما من حيث الكيف، فالجديد الذى يحمل دلالات بالغة الأهمية هو أن تلك الحملات الشرسة التى يطلقها اللوبى لا تذكر فى خطابها الانتخابى إسرائيل على الإطلاق، وإنما تتهم المرشح المستهدف بأى شىء آخر إلا بموقفه المنتقد لإسرائيل. ورغم أن اللوبى استطاع فعلًا هزيمة بعض أولئك المرشحين إلا أن غيرهم استطاع الفوز فى حملته الانتخابية رغم الملايين التى أنفقها اللوبى لهزيمته. الأهم من ذلك كله أن عددًا من أعضاء مجلس الشيوخ من غير التقدميين قدموا مشروع قانون يربط ميزانية وزارة الخارجية بتقديم الوزارة للكونجرس تقارير دورية عن خطوة تتخذها لإجراء تحقيق مستقل فى اغتيال شيرين أبوعاقلة، كونها تحمل الجنسية الأمريكية. وفى تقاريرها تلك ينص المشروع على التزام الوزارة بتحديد ما إذا كان ما تكشّف لها من معلومات يعنى تطبيق قانون المساعدات الخارجية على إسرائيل، والذى ينص على منع المساعدات لقوات أمن الدولة المتلقية للمساعدات حال ارتكابها جرائم حرب أو انتهاكات لحقوق الإنسان. باختصار، جدار الصمت على جرائم الاحتلال فى واشنطن يتصدع، رغم الملايين التى ينفقها اللوبى لإسكات كل من تسول له نفسه اختراقه