بقلم: منار الشوربجي
بينما العالم مقدم على كارثة مناخية، ويواجه تداعيات حرب أوكرانيا، وقبلها كورونا، إذا بالاحتقان فى آسيا ينذر بتفاقم كل منها.
ففى الوقت الذى يسعى فيه العالم لاستيعاب التداعيات المعقدة لحرب أوكرانيا، باتت الكارثة المناخية واقعًا يعيشه الجميع، وهى لا تقتصر على ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوق فى شتى أرجاء المعمورة، وإنما صارت السيول تُغرق مناطق بأكملها كما جرى فى باكستان حين دمرت الطرق مسافة تمتد لأكثر من ألف كيلومتر، والجفاف الذى كنا نسمع عنه فقط فى جنوب العالم صار الواقع فى شماله، فبريطانيا تعانى أسوأ موجة جفاف منذ عام 1935، وألمانيا انخفض فيها منسوب نهر الراين إلى مستوى غير مسبوق، بينما جفّت بحيرة جاردا الإيطالية، حتى إن بنيتها الصخرية صارت مكشوفة، وفى الولايات المتحدة، أدى جفاف نهر كولورادو إلى اضطرار حكومة الولاية إلى توزيع المياه وفق نظام الحصص، ولا يمكن فى الواقع فهم ظاهرة الفيروسات، التى تتفاقم عالميًّا من سارس لكورونا لجدرى القرود بمعزل عن تغير المناخ، والبقية تأتى.
وكأن ذلك كله ليس كافيًا، فإذا برئيسة مجلس النواب الأمريكى، نانسى بيلوزى، تصر على زيارة تايوان رغم إعلان الصين قبل الزيارة أنها تعتبرها خرقًا لسياسة «الصين الواحدة»، التى ألزمت أمريكا نفسها بها. وتلك الزيارة تلتها زيارة أخرى لوفد ثان من أعضاء المجلس نفسه. وكان رد الصين فوريًّا، فهى فرضت العقوبات على «بيلوزى» وأعضاء الكونجرس الذين زاروا تايوان، وكذلك على «الانفصاليين التايوانيين»، كما صارت تُجرى مناورات حول الجزيرة، هى الكبرى من نوعها فى تاريخ الصين، وصفتها بأنها مستمرة حتى إشعار آخر، وأبرز ما فى تلك المناورات كان التدريبات على حصار الجزيرة، والتى تُعد أحد الخيارات الصينية، بخلاف الاجتياح الكامل لتايوان. وأطلقت الصين 11 صاروخًا بالستيًّا، خمسة منها طالت مناطق تحت سيادة اليابان بأمر مباشر من الرئيس الصينى لتوجيه رسالة تحذير إلى اليابان. وتدهور العلاقات بين الصين وأمريكا لم يَطُلِ اليابان وحدها، إذ جرّت الولايات المتحدة معها دولًا أوروبية، فألمانيا أرسلت، للمرة الأولى، 13 طائرة حربية للاشتراك فى مناورات مشتركة فى المنطقة مع أستراليا وأمريكا وفرنسا وبريطانيا واليابان وكوريا الجنوبية. كما أصدرت الصين «ورقة بيضاء» جديدة بخصوص تايوان اختلفت عن سابقاتها فى أنها لم تقف عند حد التعبير عن الرغبة فى ضم تايوان سلميًّا، كما كان الحال، وإنما منحت جيش الصين الحرية فى استخدام العنف إذا لزم الأمر، فقد قالت نصًّا: «لن نتخلى عن استخدام القوة، ونحتفظ بخيار استخدام كافة الإجراءات المطلوبة». أما الكونجرس، فيناقش مشروع قانون يقضى باعتبار تايوان «حليفًا رئيسيًّا ليس عضوًا بحلف الأطلنطى»، وهو ما قد يمثل خطًّا أحمر بالنسبة للصين لأنه يمثل اعترافًا بسيادة تايوان، التى لم تعترف بها الأمم المتحدة ولا حتى الولايات المتحدة كدولة مستقلة أصلًا!.
وقد دفعت تلك التطورات بالصين إلى التقارب الوثيق مع روسيا. وأرسلت قوة عسكرية ضخمة إلى روسيا قيل وقتها إنها ذهبت للمشاركة فى تدريبات «فوستوك» العسكرية. وذلك التقارب ينذر بعواقب وخيمة تتعلق بتفاقم الحرب فى أوكرانيا، التى صارت أصلًا مسرحًا لحرب غير مباشرة بين دول حلف الأطلنطى وروسيا.
أما تغير المناخ، فبعد زيارات أعضاء الكونجرس لتايوان، أعلنت الصين وقف محادثاتها الجارية مع الولايات المتحدة فى ثمانية مجالات، كان على رأسها تغير المناخ. بعبارة أخرى، توقفت المحادثات بين أكبر دولتين مسؤولتين عن الانبعاثات المُسبِّبة للاحتباس الحرارى. باختصار، يسير العالم نحو مجهول لا نعرف عنه سوى كونه بائسًا بامتياز