بقلم:منار الشوربجي
مغنى الراب الأمريكى ماكليمور كرس فنه طوال العام لدعم غزة وإدانة جريمة الإبادة التى ترتكبها إسرائيل. وهو صاحب الأغنية الشهيرة «قاعة هند» والتى تظل الأعلى على الإطلاق هذا العام من حيث عدد المرات التى تم تحميلها فيها. والأغنية تستمد اسمها من الطفلة هند ومن تظاهرات جامعة كولومبيا. فهند هى الفتاة الفلسطينية ذات الأعوام الستة التى أدمت قلوب العالم حين قتلها الجنود الإسرائيليون عمدا بدم بارد.
أما القاعة فهى تلك التى احتلها طلاب جامعة كولومبيا وأطلقوا عليها اسم «قاعة هند» أثناء اعتصامهم فى حرم الجامعة للمطالبة بوقف إطلاق النار فى غزة. وماكليمور من أكثر مغنى الراب شهرة، وظل دوما متمسكا بجوهر موسيقى الراب ومغزاها الأعمق. فالراب أحد الفنون التى ابتدعها سود أمريكا، خصوصا شباب الحضر الفقراء، كواحدة من أدوات مقاومة تهميش المجتمع لهم منذ بداية السبعينيات بل ولمقاومة القهر والعنف المادى والمعنوى الموجه لسود أمريكا عموما لا فقط الشباب منهم.
وماكليمور الأبيض، استخدم شهرته وأمواله، بل وكونه أبيض، لدعم قضايا السود وغيرهم من المهمشين فى بلاده. أما فلسطين، فهو قال قبل شهور قليلة إنه لم يكن يعلم شيئا عنها، لكن ما إن وقعت المجازر فى غزة حتى راح يقرأ تاريخ القضية ثم شعر أن عليه أن يفعل شيئا. باختصار، ماكليمور ليس مجرد فنان موهوب يحقق ثراء وإنما صاحب مبدأ وقضية وسط عالم حافل بشتى أنواع القهر.
واليوم، يواجه ماكليمور حملة شرسة بعد واقعة جرت بمهرجان فنى انعقد فى مدينة سياتل، مسقط رأسه، بعنوان «فلسطين ستعيش للأبد». فأثناء أدائه على المسرح، كان صوته مسموعا حين قال لمجموعة صغيرة من جمهوره فى الصفوف الأولى «ارفعوا أصواتكم، قولوها، لن أمنعكم، نعم، اللعنة على أمريكا» مستخدما لكلمة اللعنة تعبيرا دارجا قبيحا.
هنا، حانت الفرصة لينال منه من لم يرقهم دعمه الصريح لفلسطين، بدعوى أنه «كاره لبلده». والحقيقة أن ما قاله ماكليمور يقوله عشرات من الفنانين غيره طوال الوقت دون أن يتهموا بكراهية بلادهم. لكن تلك هى المرة الأولى التى يقال فيها التعبير مرتبطا بسياسة أمريكا بفلسطين. فانهالت على رأس ماكليمور الإدانات وقامت بعض الجهات بإلغاء تعاقدات كانت قد أبرمتها معه. بل إن عدة فرق رياضية لماكليمور حصة ملكية فيها وساندها ماليا لسنوات أدانته وألمحت لقطع كل صلاتها به.
لكن ماكليمور لم يعتذر، وإنما أصدر بيانا قويا ومؤثرا قال فيه «إننى لا أعبر دوما عن أفكارى ومشاعرى بشكل مثالى أو مؤدب.. والحدث التاريخى الذى حضره الآلاف فى مسقط رأسى لرفع الوعى وجمع الأموال للشعب الفلسطينى أُهيل عليه التراب للأسف بسبب كلمتين نطقت بهما. تمنيت أن يكون حزنى وغضبى فى حال أفضل، لكن الحقيقة أننى لست على ما يرام ولم أكن على ما يرام مؤخرا».
وأضاف ماكليمور «إننى مذهول مما يفعله بلدى فى هذه اللحظة من التاريخ، ولست وحدى فى ذلك.. إننى أرى أطفالى فى الأجساد الميتة لأولئك الأطفال.. وأحيانا لا أتمكن من ضبط مشاعرى وألمى، فهما يغليان بداخلى طوال اليوم بينما أحاول أن أبدو بخير وأنا لست كذلك.
ولست وحدى الذى يشعر بذلك. غضبى شديد من أننا لا نملك الأموال لتوفير الرعاية الصحية والإسكان والتعليم هنا بأمريكا ومع ذلك نرسل المليارات لإسرائيل لترتكب جرائم حرب.. أكاد أصاب بالجنون.. وفى بعض الأيام لا أستوعب كيف نحب ما (يقصد بلده) يسبب كل تلك المعاناة للآخرين».