توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإجهاض وحقوق السود

  مصر اليوم -

الإجهاض وحقوق السود

بقلم - منار الشوربجي

إذا ما ألغت المحكمة العليا الأمريكية دستورية عمليات الإجهاض، كحق منحته للمرأة قبل خمسين عامًا، سيكون الخاسر الأول منه هو سود أمريكا ولأسباب لا علاقة لها بقضية الإجهاض أصلًا. ففى الأسبوع الماضى، تسرب للإعلام تقرير كتبه أحد قضاة المحكمة، نيابة عن أغلبية قضاتها، يقدم فيه الحيثيات التي تراها تلك الأغلبية لينبنى عليها التراجع عن الإجهاض كحق يقره الدستور الأمريكى.

وقد شكل التقرير صدمة للأغلبية من النساء اللائى خرجن في مظاهرات حاشدة، فصرح رئيس المحكمة بأن التقرير الذي تسرب رغم أنه بالفعل الوثيقة الأصلية، فإن المحكمة لم تتخذ قرارها بعد.

غير أن الحيثيات التي جاءت في التقرير هي الأهم على الإطلاق في القصة كلها. فلو صارت هي فعلًا الحيثيات التي يصدر بناء عليها القرار فستمثل سابقة شديدة الخطورة يمكن من خلالها التراجع عن الأغلبية الساحقة من مكتسبات سود أمريكا منذ نهاية الفصل العنصرى حتى اليوم.

والمحكمة العليا الأمريكية ذات طابع سياسى بامتياز. صحيح أن قضاتها التسعة يبقون في مقاعدهم حتى الوفاة أو التقاعد بإرادتهم الحرة، إلا أن الرئيس الأمريكى هو الذي يختار من يتولى المقعد الشاغر فيها. وهو الاختيار الذي يخضع لتصويت مجلس الشيوخ.

والرئيس يختار القاضى الذي يتوافق مع رؤاه الفكرية والسياسية. وتصديق مجلس الشيوخ، هو الآخر، تصويت سياسى بالدرجة الأولى يقوم على أساس مواقف الأغلبية عند التصويت. وهو الأمر الذي أدى لانحراف المحكمة مزيدًا نحو اليمين بعدما اختار ترامب ثلاثة من قضاتها فصار لليمين ستة مقاعد، أي ستة أصوات من أصل تسعة.

أما الحيثيات التي جاءت في تقرير الأغلبية فهى تقوم على فكرة محورية لدى تيار اليمين. فهو قال إن الدستور الأمريكى لا ينص على الإجهاض، وإن قرار المحكمة العليا عام 1973 الذي جعل الإجهاض حقًا دستوريًا صدر في وقت لم يكن فيه الإجهاض حتى جزءًا من تقاليد المجتمع وتاريخه ولا كان منصوصًا عليه في أي من دساتير الولايات المختلفة.

وعليه، فإن القرار كان بمثابة خطأ يستوجب الإلغاء، وإعادة القضية للمجالس التشريعية للولايات ليتولى كل منها اتخاذ قرار بشأنها. ومكمن الخطورة بالنسبة لقضايا السود أمران، أولهما عدم وجود نص دستورى، وثانيهما تفويض الولايات، كل باتخاذ قرارها حسب ما يتراءى لها.

فطوال التاريخ الأمريكى وحتى اليوم، ظلت حكومات الولايات هي العدو الأول لحقوق السود. فولايات الجنوب كانت قد خاضت أصلًا حربًا أهلية رفضًا لإلغاء العبودية. وولايات الشمال، التي لم يكن اقتصادها يعتمد على عمل العبيد، لم يكن يهمها بقاء العبودية ولكنها كانت هي الأخرى ضالعة فيما بعد في الفصل العنصرى وباقى الممارسات الفجة التي اعتبرت غير البيض بشرًا أدنى درجة.

وكان قرار المحكمة العليا عام 1954 لإلغاء الفصل بالمدارس إيذانًا بنهاية مرحلة، واستخدمت المحكمة في حيثياته علم النفس لا الدستور الذي كان ينص وقتها صراحة على الفصل العنصرى.

ومن هنا، فإن تفويض الولايات ما لم يكن هناك نص دستورى يمثل سابقة خطيرة قد تقضى على أغلب مكتسبات السود، خصوصًا مع وصول تيار التفوق الأبيض اليوم للكثير من المناصب المنتخبة بالولايات. والجهة الوحيدة القادرة على إلغاء قوانين الولايات هي الحكومة الفيدرالية، عبر مؤسستيها التشريعية والقضائية، أي الكونجرس والمحكمة العليا. فإذا كان هذا هو موقف المحكمة العليا الفيدرالية، في وقت ارتفع فيه عدد أعضاء الكونجرس من أنصار تفوق البيض، تغدو مخاوف السود قاب قوسين أو أدنى من التحول لحقيقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإجهاض وحقوق السود الإجهاض وحقوق السود



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon