بقلم : منار الشوربجي
اقتحام الكونجرس فى 6 يناير الماضى حكاية لم تنتهِ بعد. فالذين قاموا بعملية الاقتحام يثقون بأن ترامب سيعود للبيت الأبيض ويستعدون لذلك الحدث. فهم سيذهبون لواشنطن العاصمة استعدادًا لحدث جديد هو تنصيب ترامب يوم 4 مارس القادم. والتجمعات الجماهيرية التى سيحضرونها لن تحتفل فقط بتنصيب الرجل وانما تسعى لمساعدته على دخول البيت الأبيض!
وتلك المجموعات تنتمى لمنظمات عدة أغلبيتها الساحقة تؤمن بنظرية المؤامرة، وإن كان كل منها يتبنى مؤامرة تختلف عن المؤامرات التى يؤمن بها الآخرون. والإيمان بوجود مؤامرة ما له تاريخ طويل بالولايات المتحدة منذ القضاء على العبودية. وهو إيمان لم يختفِ أبدًا منذ ذلك الوقت من على الساحة السياسية والدينية بين البيض. ففى القرن التاسع عشر تبنت بعض منظمات البيض فكرة مؤداها أن هناك حكومة سرية تحكم البلاد وتسعى لتدمير العرق الأبيض. وقد ظهرت مجموعات أخرى لاحقًا حين تزايدت هجرة الأيرلنديين حيث صارت تؤمن بأن المهاجرين الأيرلنديين طابور خامس يعمل لصالح بابا الفاتيكان بهدف تدمير الديمقراطية الأمريكية وسرقة الوظائف من الأمريكيين لصالح الأيرلنديين الكاثوليك. أكثر من ذلك، آمن هؤلاء بأن الراهبات والرهبان الكاثوليك يخنقون أطفال الأمريكيين البروتستانت.
ورغم أن بعض تلك المؤامرات تلاشت من العقل الجمعى لتلك المنظمات المتطرفة مثل مؤامرة الفاتيكان، فإن بعضها الآخر لايزال موجودًا حتى اليوم، وبعضها الآخر أخذ أشكالًا أخرى متعددة. ولعل أكثر تلك النظريات استمرارية حتى اليوم هى تلك التى تؤمن بأن هناك مؤامرة تهدف للإبادة الجماعية للعرق الأبيض فى أمريكا. وإلى جانب تلك الفكرة توجد اليوم منظمات تؤمن بفكرة مؤداها أن الحركة النسوية تقود مؤامرة لاستعباد الرجل الأبيض تحديدًا، بينما توجد أخرى تؤمن بأن هناك نخبة أمريكية ودولية سرية تتآمر من أجل إنشاء حكومة عالمية ستطيح بالحكومة الأمريكية وتتولى هى الحكم فتستعبد الأمريكيين، البيض طبعًا، وتحرمهم من حرياتهم وحقوقهم. ومع ظهور وباء كورونا برزت منظمات تحذر الأمريكيين من التطعيم بدعوى أنه جزء من مؤامرة حكومية على البيض تسعى لتغيير جيناتهم عبر حقنهم بمادة سامة تجعل من السهل السيطرة عليهم عقليًا!
أما المنظمات التى تؤمن بعودة ترامب للحكم فى 4 مارس فهى نوعان، أولهما هى تلك التى يمتد تاريخها لأكثر من قرن، وتؤمن بأن كافة الرؤساء الأمريكيين الذين أتوا للحكم بعد عام 1871 ليسوا حكامًا شرعيين للبلاد لأنه فى ذلك العام تم سرًا تمرير قانون حوّل الولايات المتحدة من دولة لشركة اقتصادية تابعة لمدينة لندن. ولأن «الرؤساء الشرعيين» ما قبل 1871 كان يتم تنصيبهم فى 4 مارس، لا العشرين من يناير، فإن ترامب، الذى فاز عندهم باكتساح، سيتم تنصيبه فعليًا فى ذلك التاريخ.
أما النوع الثانى من تلك المنظمات التى تستعد لتنصيب ترامب فهى منظمات دينية تنتمى لأحد تيارات الأصولية المسيحية. وهى تؤمن، منذ أن رشح ترامب نفسه فى 2016، بأن الله اختاره لحكم أمريكا لإعادتها لقيم المسيحية البيضاء. وتلك المجموعات تتنبأ هى الأخرى بأن ترامب سيتم تنصيبه فى 4 مارس المقبل.
الطريف فى كل ذلك أن فندق ترامب وسط العاصمة واشنطن رفع أسعار الغرف استعدادًا لاستقبال كل أولئك الذين سيذهبون للعاصمة!
لكن الطرافة تقف عند هذا الحد. فالخطورة أن تلك التنظيمات ستصبح أشد خطرًا إن لم يحدث ما تريد فى 4 مارس.