توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وفاة قاضية تحدد مستقبل أمريكا!

  مصر اليوم -

وفاة قاضية تحدد مستقبل أمريكا

بقلم : منار الشوربجي

بوفاة روث بيدر جنزبرج، قاضية المحكمة العليا الأمريكية، صار مستقبل المحكمة بل مستقبل الديمقراطية الأمريكية ذاتها على المحك!.

وقضاة المحكمة العليا الأمريكية، يحاطون عادة بسياج من الوقار وبينهم وبين المواطنين مسافة بحكم مواقعهم وكونهم لا يأتون بالانتخاب. لذلك، كان لافتا أن تتحول جنزبرج لبطلة فى الثقافة الشعبية، تُطبع صورها على الملابس والأكواب، ويطلق عليها بحب وصف «المشاكسة»، الذى يُلحق بالأحرف الأولى لاسمها على غرار نجوم موسيقى الراب. وقد لقبت القاضية بهذا الاسم لمواقفها القوية بالمحكمة دفاعا عن حقوق المرأة والأقليات والفقراء، فضلا عن الحريات العامة والفردية. وقد أصبحت أيقونة لدى الكثيرين ممن وجدوا أنها المعبرة عن آلامهم ومصالحهم. ووصف «المشاكسة» سببه أيضا استجابتها «لمحبيها» الذين طالبوها بعدم ترك مقعدها، رغم مرضها العضال وتقدمها فى السن. فهى فى السابعة والثمانين، بعد صراع ممتد مع السرطان.

والمحكمة العليا الأمريكية ذات طابع سياسى بحكم الدستور، وصارت قضية انتخابية منذ عقدين. وهى مكونة من تسعة قضاة يختارهم الرئيس الأمريكى وهو الاختيار الخاضع لموافقة مجلس الشيوخ، الأمر الذى يجعل المحكمة سياسية بامتياز. فمن الطبيعى أن يرشح الرئيس من يتوافق معه أيديولوجيا، والأمر نفسه ينطبق على مجلس الشيوخ. وعليه ففى زمن الاستقطاب الحالى صارت المحكمة قضية حزبية لا فقط سياسية. وقد يختار أحد الرؤساء أكثر من قاض بينما لا يختار غيره قضاة على الإطلاق. فهى مسألة تتعلق بأن يشغر مقعد فى عهده. فالقاضى يظل فى مقعده مدى الحياة، أو متى اختار بنفسه التقاعد. ومن ثم فإن التوازن الأيديولوجى فى المحكمة يعتمد بالأساس على حياة قضاتها أو تقاعدهم، بما يسمح بدور للرئيس الذى فى الحكم. واختيار قاض بالمحكمة العليا من أهم القرارات التى يتخذها أى رئيس لأن القاضى سيظل فى مقعده لعقود بعد خروج الرئيس من الحكم. فجنزبرج، مثلا، رشحها بيل كلينتون فى 1993 وظلت فى مقعدها بينما جاء للرئاسة بعد كلينتون بوش الابن ثم أوباما ثم ترامب، وهناك بالمحكمة اليوم قضاة عينهم ريجان فى الثمانينات.

وقرارات المحكمة هى الأخرى سياسية لا فقط قانونية تأتى وفق ميول أغلبية قضاتها. فهى مثلا التى منحت الشرعية الدستورية للفصل العنصرى حتى خمسينات القرن الماضى، وهى التى نزعتها عنه فى 1954.

وفى عهد ترامب، تم تنصيب اثنين من القضاة الجدد، مما حافظ على بقاء الكفة فى صالح اليمين بفارق صوت واحد. ومن هنا، صار مستقبل المحكمة على المحك بعد وفاة جنزبرج، الليبرالية، إذا ما نجح ترامب فى الحصول على تصديق مجلس الشيوخ على مرشحه لمقعدها لأن ذلك معناه أن تظل المحكمة ولعقود قادمة تميل بواقع 6 أصوات نحو اليمين. ويخشى الكثيرون أن يؤدى ذلك للنكوص عن الكثير من مكتسبات المرأة والأقليات التى تحققت فى الخمسين عاما الأخيرة. لكن القضية تتعلق أيضا بمستقبل الديمقراطية الأمريكية نفسها. صحيح أن المحكمة حاليا تميل بواقع خمسة أصوات لصالح اليمين، إلا أن مجلس الشيوخ الجمهورى الحالى، يمكنه دستوريا التصويت على مرشح ترامب، حتى حال هزيمة ترامب، بل تحول المجلس لأغلبية من الديمقراطيين، وذلك فى الفترة ما بين الهزيمة فى نوفمبر وحتى تنصيب الرئيس والكونجرس الجديدين فى يناير. ولعل الصراع السياسى الحالى عقب وفاة جنزبرج فى ذاته من أهم دلالات الأزمة التى تعانيها الديمقراطية الأمريكية وتهدد مستقبلها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وفاة قاضية تحدد مستقبل أمريكا وفاة قاضية تحدد مستقبل أمريكا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon