توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العنصرية.. الصحية!

  مصر اليوم -

العنصرية الصحية

بقلم : منار الشوربجي

خبران أواخر الأسبوع الماضى جسدا آخر دلالات العنصرية فى مجال الصحة بالولايات المتحدة. أولهما يتعلق بمصل كورونا، والثانى بكرة القدم. فقد تبين غياب البيانات الخاصة بهوية نصف من تلقوا المصل، ولم تجمع مثل تلك البيانات، كالعمر والعرق والنوع، سوى 17% فقط من الولايات، وهو ما يعقد أصلًا من تحقيق المساواة فى توزيع المتاح من الأمصال. أما المعلومات المتاحة فقد كشفت عن أن 5% فقط من السود تلقوا المصل، رغم أنهم من أكثر الجماعات الأمريكية على الإطلاق تضررًا من الوباء. وهو ما دعا عددًا من أعضاء الكونجرس للتوجه بخطاب لوزير الصحة يطالبون فيه بإجبار الولايات على جمع تلك البيانات.

وكان الرئيس بايدن، فى ثانى أيامه بالحكم، قد أصدر أمرًا تنفيذيًا للوزارة لتحقيق المساواة العرقية فى مجال الصحة. لكن القصة أكثر تعقيدًا من مجرد التزام الوزارة أو حتى إلزام الولايات. فرغم أنهم من الأكثر تضررًا من انتشار كورونا، فإن السود هم أيضًا الأكثر ترددًا فى تلقى المصل، والسبب أنهم يتناقلون عبر الأجيال الخبرة التاريخية المريرة التى ظلوا خلالها دومًا حقلًا لتجارب العملاء الذين كانوا يستغلون أجسادهم دون علمهم، ناهيك عن موافقتهم، لفهم تطور أمراض خطيرة وتجربة عقاقير علاجها. وهى الخبرة التى كثيرًا ما تضمنت حرمانهم من العلاج المتوفر حتى يقف العلماء على مراحل المرض المتأخرة، وهو ما يصدق على الأمراض المعدية مما كان يودى بحياتهم وبحياة عائلاتهم. باختصار، لن تتحقق المساواة الصحية عبر القوانين والأوامر التنفيذية وإنما عبر الاعتراف بالظلم التاريخى، ومن ثم إيجاد واقع ينتج ذاكرة جمعية للسود، مختلفة عن تلك التى أفقدتهم الثقة فى النظام الصحى برمته.

أما الحدث الثانى فهو الذى كشفه تحقيق لقناة «إى بى سى» حول ممارسات الاتحاد الأمريكى لكرة القدم. وكرة القدم الأمريكية ليست هى نفسها كرة القدم التى يعرفها العالم خارجها، وإنما هى لعبة أخرى خطرة تتسبب فى إصابات خطيرة للاعبيها، خصوصا بالمخ. فقد ثبت أن 87% من اللاعبين الذين لايزالون فى قمة لياقتهم مصابون إصابات بالمخ لها تداعيات خطيرة على المدى القصير، بدءًا بالاكتئاب مرورًا بضعف الذاكرة وصولًا للعجز عن التفكير والإدراك. وهى كلها أمور تعوق حياة أولئك اللاعبين وهم فى سنى شبابهم بعد ترك الملاعب، مما يدفعهم لطلب المساعدة المادية أو التعويض من الاتحاد. لكن تبين أن الاتحاد يستخدم ما يسمى زورًا «القاعدة العرقية»، التى يُفرض على الأطباء، ضمنًا، اتباعها لتحديد المستحقين. والقاعدة تعنى باختصار أن يقارن الطبيب إصابة المتلقى بخلل إدراكى بالأصحاء من نفس عرقه فقط، لا بالأصحاء عمومًا. وهو معيار بالغ العنصرية يؤدى لحرمان اللاعبين السود من الحصول على المساعدة أو التعويض المادى. فهو قائم على أساس لا علاقة له بالعلم، مؤداه أن عقل البيض يتفوق على عقل السود، وبالتالى تقل نسبة إدراك السود الأصحاء أصلًا عن نسبة إدراك البيض، وهو ما فندته الدراسة بعد الأخرى. ويعنى تطبيق تلك القاعدة البائسة أن اللاعب الأسود حتى يحصل على التعويض لابد أن تكون نسبة تدهور الإدراك لديه أعلى بكثير من البيض. باختصار، عند النسبة نفسها من التدهور الإدراكى يحصل البيض على التعويض ويُحرم منه السود.

القضية الرئيسية فى كل ذلك تحمل مفارقة مهمة. فالعالم السويدى الحاصل على نوبل، جانار ميردال، وصف، فى الأربعينيات، المسألة العرقية بأنها «المعضلة الأمريكية». والمفارقة أنها كانت المعضلة الأمريكية عبر قرون طويلة، ولاتزال هى المعضلة نفسها فى القرن الحادى والعشرين!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العنصرية الصحية العنصرية الصحية



GMT 22:13 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 08:10 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

لا يبيع الوهم

GMT 08:03 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

العدالة في العشوائية

GMT 17:35 2021 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

احتجاجات طرابلس بين سرايا ساحة النور وثكنة القبة

GMT 16:54 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

"أبو مازن" الذي تذوّق السلطة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon